وأما مخالفة أصحابه له في الرخاء والأمن فقد تضمن كتابهم ذلك فقال " وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة والله خير الرازقين " (1) فكانوا كما روي إذا سمعوا بوصول تجارة تركوا الصلاة معه والحياء منه وتركوا المراقبة لله الذي يذكرون أنه أمرهم بالصلاة معه، ولم يلتفتوا إلى حرمة ربهم ولا حرمة نبيهم ولا صلاتهم معه وباعوا ذلك كله بمشاهدة تجارة أو طمع في مكسب منها، فكيف يستبعد من هؤلاء أن يخالفوه بعد وفاته في طلب الملك والخلافة والجاه والمال، وقد انقطعت مشاهدته لهم وحياؤهم منه، إن استبعاد مخالفتهم له من عجائب الأمور وطرائف الدهور.
ومن طرائف ما يدل على أن أكثر الصحابة لا يستبعد منهم مخالفة نبيهم بعد وفاته.
ما ذكره الحميدي في الجمع بين الصحيحين في مسند أنس بن مالك في الحديث الحادي عشر من المتفق عليه قال: إن ناسا من الأنصار قالوا يوم حنين حين أفاء الله على رسوله من أموال هوازن ما أفاء، فطفق رسول الله " ص " يعطي رجلا من قريش المائة من الإبل، فقالوا: يغفر الله لرسوله يعطي قريشا ويتركنا وسيوفنا تقطر من دمائهم.
وقال الحميدي في الحديث المذكور في حديث هاشم بن زيد عن أنس أن الأنصار قالت: إذا كانت الشدة فنحن ندعى وتعطى الغنائم غيرنا، قال ابن شهاب عن أنس: فحدث ذلك رسول الله " ص " فعرفهم.
وفي حديث ذكره: أنه فعل ذلك تالفا لمن أعطاه، ثم يقول في رواية الزهري عن أنس أن النبي " ص " قال للأنصار: إنكم ستجدون بعدي أثره شديدة، فاصبروا حتى تلقوا الله ورسوله على الحوض قال أنس: فلم يصبروا