حالك ووقتك فالناس يختلف حالهم الاهتمام والاهمال * (الفصل الخامس في ذكر ما نختاره من الآداب والدعاء عند ركوب الدواب) * اعلم انني رأيت انعام الله جل جلاله بالدواب وتسخيرها لذوي الألباب قد وقع الغفول عنه حتى كأنها ليست منه ووجدت السائس للدابه يعرف له حق سياسته ويكون له في القلب موضع بمقدار شفقته والركيبدار يعرف له حق معرفته وحرمه اسراج الدابة وتحميلها وتقديمها لركوب صاحبها في حاجته وفي القلب ولا في شكر اللسان مكان لمعرفه حق منشئها وجالبها وواهبها ومسخرها وميسرها وهذه الغفلة الانسان مخاطره هائله بغضب الله جل جلاله وبكل وهبه للعبد من الاحسان أقول وينبغي للعبد إذا أكرمه مولاه ان يراعى حق اكرامه وحق ما أولاه ومتى غفل واهمل شكر أنعم به عليه كان العبد مستحقا لاستعاده كل وصل إليه أقول ويكشف هذا بمثال نذكره ومقال نسطره فنقول لو أن الله جل جلاله ما اعطى أحدا من الخلائق في المغارب والمشارق دابه إلا أنت وكان الناس كلهم عزيزهم وذليلهم وغنيهم وفقيرهم إذا سافروا مشوا في أسفارهم على اقدامهم وحملوا قماشهم ظهورهم وظهور غلمانهم وأنت معك دابه تركب عليها وتحمل قماشك للسفر عليها كيف كنت تكون في سرورك وتعظيم الواهب لها فالامر الان على هذه الحال لأنك تعلم أن خلقا كثيرا ما لهم دابه في الاسفار ويمشون على اقدامهم ويحملون قماش سفرهم على ظهورهم وأما من حصل له منهم شئ من الدواب كما حصل فلا يجوز في عقل ولا نقل يليق بالصواب أن يكون انعام جل جلاله على غيرك بدابه مثل دابتك ان يسقط عنك حق الدابة وهبك إياها وجعلها من جمله نعمتك فكيف ساغ المعقول والمنقول أن يكون لسائسك والذي يسرج دابتك موضع خاطرك وذكر في سرائرك أو ظواهرك والله جل جلاله المنشئ والمنعم بها والمسخر لها قلبك خال منه ومن هديتها ومسيرها بك هذا لا يليق بالتوفيق وأنت مخاطر ركوبها في الطريق أقول ولقد كنت قد خرجت في بعض الاسفار ومعنا جماعه من ذوي
(١٠٧)