لما صار النبي صلى الله عليه وآله إلى وادي حنين للحرب إذا بالطلائع قد رجعت والاعلام والألوية قد وقفت فقال لهم النبي: يا قوم ما الخبر؟ فقالوا: يا رسول الله حية عظيمة قد سدت علينا الطريق كأنها جبل عظيم لا يمكننا من المسير، فسار النبي صلى الله عليه وآله حتى أشرف عليها فرفعت رأسها ونادت السلام عليك يا رسول الله أنا الهيثم بن طاح بن إبليس مؤمن بك قد سرت إليك في عشرة آلاف من أهل بيتي حتى أعينك على حرب القوم، فقال النبي صلى الله عليه وآله: انعزل عنا وسر بأهلك عن ايماننا ففعل ذلك وسار المسلمون محمد بن إسحاق: مرت امرأة من المشركين شديدة القول في النبي ومعها صبي لها ابن شهرين فقال الصبي: السلام عليك يا رسول الله محمد بن عبد الله، فأنكرت الام ذلك من ابنها، فقال له النبي صلى الله عليه وآله: يا غلام من أين تعلم اني رسول الله واني محمد بن عبد الله؟
قال: أعلمني ربى رب العالمين والروح الأمين، فقال النبي: من الروح الأمين؟ قال جبرئيل وها هو قائم على رأسك ينزل إليك، فقال له النبي: ما اسمك يا غلام؟ فقال:
عبد العزى وأنا كافر به فسمني ما شئت يا رسول الله، قال: أنت عبد الله، فقال:
يا رسول الله ادع الله أن يجعلني من خدمك في الجنة، فدعا له فقال: سعد من آمن بك وشقي من كفر بك، ثم شهق شهقة فمات.
شمر بن عطية: انه أتى النبي صلى الله عليه وآله بصبي قد شب ولم يتكلم قط فقال: ادن مني، فدنا فقال: من أنا؟ قال: أنت رسول الله.
الواقدي عن المطلب بن عبد الله قال: بينما رسول الله جالس بالمدينة في أصحابه إذ أقبل ذئب فوقف بين يدي النبي صلى الله عليه وآله يعوي فقال النبي هذا وفد السباع إليكم فان أحببتم أن تفرضوا له شيئا لا يعدوه إلى غيره وإن أحببتم تركتموه وأحرزتم منه فما أخذ فهو رزقه، فقالوا يا رسول الله ما تطيب أنفسنا له بشئ، فأومى النبي بأصابعه الثلاثة أي خالسهم (1) فولى وله غسلان (2).
وفى حكاية عمرو بن المنتشر انه سأل النبي صلى الله عليه وآله أن يدفع الحية عن الوادي ويرد النخلة عن عادتها، فخرج النبي فإذا الحية تجرجر وتكشكش كالبعير الهائج وتخور كما يخور الثور فلما نظرت إلى النبي قامت وسلمت عليه، ثم وقف على النخلة وأمر يده عليها وقال بسم الله الذي قدر فهدى وأمات وأحيى فصارت بطول النبي وأثمرت ونبع الماء من أصلها.
مناقب ج 1، م 11.