لرسول الله وجعل يقبل قدميه وهما يسيلان الدماء، فقال عتبة لأخيه: قد أفسد عليك غلامك، فلما انصرف عنه سئل عن مقالته فقال: والله انه نبي صادق، فقالوا: ان هذا رجل خداع لا يفتننك عن نصرانيتك، وقالوا: لو كان محمد نبيا لشغلته النبوة عن النساء ولأمكنه جميع الآيات ولأمكنه منع الموت عن أقاربه. ولما مات أبو طالب وخديجة فنزل (ولقد أرسلنا رسلا من قبلك).
وروي عن الحسن العسكري (ع) في خبر ان أبا جهل كتب إلى النبي صلى الله عليه وآله بالمدينة: ان الحيوط التي في رأسك هي التي ضيقت عليك مكة ورمت بك إلى يثرب وانها لا تزال تنفرك، إلى آخره. فكان جواب النبي: ان أبا جهل بالمكاره والعطب يتهددني ورب العالمين بالنصر والظفر عليه يعدني وخبر الله أصدق والقبول من الله أحق لن يضر محمدا من خذله أو يغضب عليه بعد أن ينصره الله ويتفضل بجوده وكرمه يا أبا جهل انك راسلتني بما ألقاه في جلدك الشيطان وأنا أجيبك بما ألقاه في خاطري الرحمن ان الحرب بيننا وبينك كافية إلى تسعة وعشرين وان الله سيقتلك فيها بأضعف أصحابي وستلقى أنت وعتبة وشيبة والوليد وفلان وفلان، وذكر عددا من قريش في قليب اقتل منكم سبعين وأوسر منكم سبعين أحملهم على الفدا أو القتل، ثم نادى: ألا تحبون أن أريكم مصرع كل واحد من هؤلاء هلموا إلى بدر فان هناك الملتقى والمحشر وهناك البلاء الأكبر، فلم يجبه إلا علي وقال: نعم بسم الله، فقال لليهود اخطوا خطوة واحدة فان الله يطوي الأرض لكم ويوصلكم؟ إلى هناك، فخطى القوم خطوة ثم الثانية فإذا هم عند بئر بدر، فقال: هذا مصرع عتبة وذاك مصرع الوليد، إلى أن سمى تمام سبعين، وسيؤسر فلان وفلان إلى أن ذكر سبعين منهم، فلما انتهوا إلى آخرها قال: هذا مصرع أبي جهل يخرجه فلان الأنصاري ويجهز عليه عبد الله بن مسعود أضعف أصحابي، ثم قال: ان ذلك لحق كائن بعد ثمانية وعشرين يوما.
كم در جهل أبي جهل بمجهلة * وشاب شيبة قبل الموت من وجل وقال حسان بن ثابت:
متى يبد في الليل البهيم جبينه * يلوح كمصباح الدجى المتوقد فمن كان أو من ذا يكون كأحمد * نظاما لحق أو نكالا لملحد؟
وقال بحير بن زهير:
أتانا نبي بعد يأس وفترة * من الله والأوثان في الأرض تعبد