وقال أبو نواس: قد كنت خفتك ثم آمنني * من أن أخافك خوفك اللاها وقال غيره: آمنني منه ومن خوفه * خيفته من خشية الباري وكان علي في صلاة الصبح فقال ابن الكواء من خلفه: (ولقد أوحى إليك والى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين) فأنصت علي تعظيما للقرآن حتى فرغ من الآية ثم عاد في قراءته ثم أعاد ابن الكواء الآية فأنصت علي أيضا ثم قرأ ثم أعاد ابن الكواء فأنصت علي ثم قال: (فاصبر ان وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون) ثم أتم وركع.
وبعث أمير المؤمنين إلى لبيد بن العطارد التيمي في كلام بلغه فمر به أمير المؤمنين في بني أسد فقام إليه نعيم بن دجاجة الأسدي فأفلته فبعث إليه أمير المؤمنين فأتوه به وأمر به ان يضرب فقال له: نعم والله ان المقام معك لذل وان فراقك لكفر، فلما سمع ذلك منه قال: قد عفونا عنك ان الله عز وجل يقول (ادفع بالتي هي أحسن السيئة) اما قولك ان المقام معك فذل فسيئة اكتسبتها، واما قولك ان فراقك لكفر فحسنة اكتسبتها فهذه بهذه.
مرت امرأة جميلة فرمقها القوم بأبصارهم فقال أمير المؤمنين: ان ابصار هذه الفحول طوامح وان ذلك سبب هناتها فإذا نظر أحدكم إلى امرأة تعجبه فليلمس أهله فإنما هي امرأة كامرأة، فقال رجل من الخوارج قاتله الله كافرا ما أفقهه، فوثب القوم ليقتلوه فقال علي: رويدا إنما هو سب بسب أو عفو عن ذنب.
وجاءه أبو هريرة وكان يتكلم فيه واسمعه في اليوم الماضي وسأله حوايجه فقضاها فعاتبه أصحابه على ذلك فقال: اني لأستحي ان يغلب جهله علمي وذنبه عفوي ومسألته جودي. ومن كلامه: إلى كم اغضي الجفون على القذى واسحب ذيل على الأذى وأقول لعل وعسى.
العقد ونزهة الابصار قال قنبر: دخلت مع أمير المؤمنين على عثمان فأحب الخلوة فأومى إلي بالتنحي فتنحيت غير بعيد فجعل عثمان يعاتبه وهو مطرق رأسه واقبل إليه عثمان فقال: مالك لا تقول: فقال (ع): ليس جوابك إلا ما تكره وليس لك عندي إلا ما تحب، ثم خرج قائلا:
ولو انني جاوبته لامضه * نواقد قولي واحتضار جوابي