كما تخزن ورقك.
يا أبا ذر: إن الله جل ثناؤه ليدخل قوما الجنة فيعطيهم حتى يملوا وفوقهم قوم في الدرجات العلى، فإذا نظروا إليهم عرفوهم فيقولون: ربنا إخواننا كنا معهم في الدنيا فبم فضلتهم علينا؟ فيقال: هيهات هيهات إنهم كانوا يجوعون حين تشبعون ويظمؤن حين تروون ويقومون حين تنامون ويشخصون حين تخفضون.
يا أبا ذر: جعل الله جل ثناؤه قرة عيني في الصلاة. وحبب إلي الصلاة كما حبب إلى الجائع الطعام، وإلى الظمآن الماء. وإن الجائع إذا أكل شبع وإن الظمآن إذا شرب روى، وأنا لا أشبع من الصلاة.
يا أبا ذر: أيما رجل تطوع في يوم وليلة اثنتي عشرة ركعة سوى المكتوبة كان له حقا واجبا بيت في الجنة.
يا أبا ذر: إنك ما دمت في الصلاة فإنك تقرع باب الملك الجبار، ومن يكثر قرع باب الملك يفتح له.
يا أبا ذر: ما من مؤمن يقوم مصليا إلا تناثر عليه البر ما بينه وبين العرش ووكل به ملك ينادي: يا ابن آدم لو تعلم ما لك في الصلاة ومن تناجي ما انفتلت.
يا أبا ذر: طوبى لأصحاب الألوية يوم القيامة يحملونها فيسبقون الناس إلى الجنة، ألا: هم السابقون إلى المساجد بالاسحار وغير الأسحار.
يا أبا ذر: الصلاة عماد الدين واللسان أكبر، والصدقة تمحو الخطيئة واللسان أكبر، والصوم جنة من النار واللسان أكبر، والجهاد نباهة واللسان أكبر.
يا أبا ذر: الدرجة في الجنة فوق الدرجة كما بين السماء والأرض، وإن العبد ليرفع بصره فيلمع له نور يكاد يخطف بصره فيفزع لذلك فيقول: ما هذا؟ فيقال: هذا نور أخيك، فيقول: أخي فلان كنا نعمل جميعا في الدنيا وقد فضل علي هكذا، فيقال له: إنه كان أفضل منك عملا، ثم يجعل في قلبه الرضا حتى يرضى.
يا أبا ذر: الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر وما أصبح فيها مؤمن إلا حزينا، فكيف لا يحزن المؤمن وقد أوعده الله جل ثناؤه إنه وارد جهنم ولم يعده أنه صادر عنها وليلقين أمراضا ومصيبات وأمورا تغيظه وليظلمن فلا ينتصر، يبتغي ثوابا من الله تعالى فلا يزال حزينا حتى يفارقها، فإذا فارقها أفضى إلى الراحة والكرامة.