يا أبا ذر: ما عبد الله عز وجل على مثل طول الحزن.
يا أبا ذر: من أوتي من العلم ما لا يبكيه لحقيق أن يكون قد أوتي علما لا ينفعه، إن الله نعت العلماء فقال عز وجل: " إن الذين أوتو العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجدا ويقولون سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا، ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعا ".
يا أبا ذر: من استطاع أن يبكي فليبك. ومن لم يستطع فليشعر قلبه الحزن وليتباك، إن القلب القاسي بعيد من الله تعالى ولكن لا يشعرون.
يا أبا ذر: يقول الله تعالى: لا أجمع على عبد خوفين ولا أجمع له أمنين، فإذا أمنني في الدنيا أخفته يوم القيامة وإذا خافني في الدنيا آمنته يوم القيامة.
يا أبا ذر: لو أن رجلا كان له كعمل سبعين نبيا لاحتقره وخشي أن لا ينجو من شر يوم القيامة.
يا أبا ذر: إن العبد ليعرض عليه ذنوبه يوم القيامة فيمن ذنب ذنوبه فيقول:
أما إني كنت خائفا مشفقا فيغفر له.
يا أبا ذر: إن الرجل ليعمل الحسنة فيتكل عليها ويعمل المحقرات حتى يأتي الله وهو عليه غضبان. وإن الرجل ليعمل السيئة فيفرق منها يأتي آمنا يوم القيامة.
يا أبا ذر: إن العبد ليذنب الذنب فيدخل به الجنة، فقلت: وكيف ذلك بأبي أنت وأمي يا رسول الله؟ قال: يكون ذلك الذنب نصب عينيه تائبا منه قارا إلى الله عز وجل حتى يدخل الجنة.
يا أبا ذر: الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت. والعاجز من أتبع نفسه وهواها وتمنى على الله عز وجل الأماني.
يا أبا ذر: إن أول شئ يرفع من هذه الأمة: الأمانة والخشوع حتى لا تكاد ترى خاشعا.
يا أبا ذر: والذي نفس محمد بيده لو أن الدنيا كانت تعدل عند الله جناح بعوضة أو ذباب ما سقى الكافر منها شربة من ماء.
يا أبا ذر: إن الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ما ابتغي به وجه الله. وما من شئ أبغض إلى الله تعالى من الدنيا خلقها ثم عرضها فلم ينظر إليها ولا ينظر إليها حتى