قال أبو ذر رضي الله عنه. ودخلت يوما على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو في المسجد جالس وحده فاغتنمت خلوته، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): يا أبا ذر: إن للمسجد تحية، قلت:
وما تحيته يا رسول الله؟ قال: ركعتان تركعهما.
ثم التفت إليه فقلت: يا رسول الله أمرتني بالصلاة، فما الصلاة؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم):
الصلاة خير موضوع فمن شاء أقل ومن شاء أكثر.
قلت: يا رسول الله أي الأعمال أحب إلى الله عز وجل؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم): الايمان بالله، ثم الجهاد في سبيله.
قلت: يا رسول الله أي المؤمنين أكمل إيمانا؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم): أحسنهم خلقا.
قلت: وأي المؤمنين أفضل؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم): من سلم المسلمون من لسانه ويده.
قلت: وأي الهجرة أفضل؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم): من هجر السوء.
قلت: وأي الليل أفضل؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم): جوف الليل الغابر.
قلت: فأي الصلاة أفضل؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم): طول القنوت.
قلت فأي الصوم أفضل؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم): فرض مجزئ وعند الله أضعاف ذلك.
قلت: فأي الصدقة أفضل؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم): جهد من مقل إلى فقير في سر.
قلت: وأي الزكاة أفضل؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم): أغلاها ثمنا وأنفسها عند أهلها.
قلت: وأي الجهاد أفضل؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم): ما عقر فيه جواده واهريق دمه.
قلت: وأي آية أنزلها الله عليك أعظم؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم): آية الكرسي.
قال قلت: يا رسول الله فما كانت صحف إبراهيم (عليه السلام)؟ قال: كانت أمثالا كلها: " أيها الملك المسلط المبتلي إني لم أبعثك لتجتمع الدنيا بعضها على بعض ولكني بعثتك لترد عني دعوة المظلوم، فإني لا أردها وإن كانت من كافر أو فاجر فجوره على نفسه ". وكان فيها أمثال: " وعلى العاقل ما لم يكن مغلوبا على عقله أن يكون له ثلاث ساعات: ساعة يناجي فيها ربه، وساعة يفكر فيها في صنع الله تعالى، وساعة يحاسب فيها نفسه فيما قدم وأخر، وساعة يخلو فيها بحاجته من الحلال من المطعم والمشرب. وعلى العاقل أن يكون ظاعنا إلا في ثلاث: تزود لمعاد، أو مرمة لمعاش، أو لذة في غير محرم. وعلى العاقل أن يكون بصيرا بزمانه، مقبلا على شأنه، حافظا للسانه. ومن حسب كلامه من عمله قل كلامه إلا فيما يعنيه ".