تقوم الساعة. وما من شئ أحب إلى الله من الايمان به وترك ما أمر بتركه.
يا أبا ذر: إن الله تبارك وتعالى أوحى إلى أخي عيسى عليه السلام: يا عيسى: لا تحب الدنيا فإني لست أحبها وأحب الآخرة، فإنما هي دار المعاد.
يا أبا ذر: إن جبرئيل (عليه السلام) أتاني بخزائن الدنيا على بغلة شهباء فقال لي: يا محمد:
هذه خزائن الدنيا ولا تنقصك من حظك عند ربك، فقلت: حبيبي جبرئيل لا حاجة لي بها، إذا شبعت شكرت ربي وإذا جعت سألته.
يا أبا ذر: إذا أراد الله عز وجل بعبد خيرا فقهه في الدين وزهده في الدنيا وبصره بعيوب نفسه.
يا أبا ذر: ما زهد عبد في الدنيا إلا أنبت الله الحكمة في قلبه وأنطق بها لسانه وبصره بعيوب الدنيا ودائها ودوائها وأخرجه منها سالما إلى دار السلام.
يا أبا ذر: إذا رأيت أخاك قد زهد في الدنيا فاستمع منه فإنه يلقن الحكمة، فقلت: يا رسول الله: من أزهد الناس؟ فقال: من لم ينس المقابر والبلى وترك فضل زينة الدنيا وآثر ما يبقى على ما يفنى ولم يعد غدا من أيامه وعد نفسه في الموتى.
يا أبا ذر: إن الله تبارك وتعالى لم يوح إلي أن أجمع المال [إلى المال] ولكن أوحى إلي أن سبح بحمد ربك وكن من الساجدين واعبد ربك حتى يأتيك اليقين.
يا أبا ذر: إني ألبس الغليظ واجلس على الأرض وألعق أصابعي وأركب الحمار بغير سرج وأردف خلفي، فمن رغب عن سنتي فليس مني.
يا أبا ذر: حب المال والشرف أذهب لدين الرجل من ذئبين ضاريين في زرب الغنم فأغارا فيها حتى أصبحا فماذا أبقيا منها؟ قال: قلت: يا رسول الله الخائفون الخاضعون المتواضعون الذاكرون الله كثيرا، أهم يسبقون الناس إلى الجنة؟ فقال:
لا، ولكن فقراء المسلمين، فإنهم يأتون يتخطون رقاب الناس، فيقول لهم خزنة الجنة كما أنتم حتى تحاسبوا، فيقولون: بم نحاسب؟ فوالله ما ملكنا فنجور ونعدل ولا أفيض علينا فنقبض ونبسط ولكن عبدنا ربنا حتى دعانا فأجبنا.
يا أبا ذر: إن الدنيا مشغلة للقلوب والأبدان وإن الله تبارك وتعالى سائلنا عما نعمنا في حلاله فكيف بما أنعمنا في حرامه؟
يا أبا ذر: إني قد دعوت الله جل ثناؤه إن يجعل رزق من يحبني كفافا وأن