الرحيم " لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم " (1). فإن تعزوه تجدوه أبي دون نسائكم، وأخا ابن عمي دون رجالكم، قد بلغ النذارة صادعا بالرسالة، سائلا عن مدرجة المشركين، حائدا عن سنتهم، ضاربا ثبجهم (2)، وآخذا بأكظامهم، يجذ الهام ويكب الأصنام، حتى انهزم الجمع وولوا الدبر، وأوضح الليل عن صبحه، وأسفر الحق عن محضه، ونطق زعيم الدين، وخرست شقاشق الشياطين، وفهتم بكلمة الاخلاص، وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم، مذقة الشارب، ونهزة الطامع، وقبسة العجلان، وموطأ الاقدام، تشربون الطرق.
وتقتاتون القد، أذلة خاشعين، تخافون أن يتخطفكم الناس من حولكم، فأنقذكم الله برسوله صلى الله عليه وآله بعد اللتيا والتي، وبعد أن مني ببهم الرجال، وذؤبان العرب، وبعد لفيف من ذوايب العرب، كلما أحشوا نارا للحرب أو نجم قرن للضلالة أو فغرت فاغرة للمشركين [فاها] قذف أخاه عليا في لهواتها، فلا ينكفئ حتى يطأ سماكها بأخمصه، ويخمد حر لهبها بحده، مكدودا في ذات الله [مجتهدا في أمر الله، قريبا من رسول الله، سيدا في أولياء الله] مشمرا ناصحا، وأنتم في رفاهية، وادعون آمنون، حتى إذا اختار الله لنبيه دار أوليائه ومحل أنبيائه، ظهرت حسكة النفاق واستهتك جلباب الدين ونطق كاظم الغاوين، ونبغ خامل الآفلين، وهذر فنيق المبطلين، يخطر في عرصاتكم وأطلع الشيطان رأسه من مغرزه صارخا بكم، فوجدكم لدعائه مجيبين ولعزمه متطاولين، واستنهضكم فوجدكم خفافا،