ويقيه، ويدفع عنه حتى أظهر منه وأعز نصره وأنجز وعده. وقام طالعا من المغرب في أوانه كما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وآله: إن الشمس تطلع من مغربها على رأس ثلاثمائة - وسنذكر ذلك في موضعه بيانه إن شاء الله تعالى، ذلك بالقهر والعز الظاهر - المغرب من أقصى إلى أدنى - وانتشرت دعوته دعاؤه وأولياؤه بالمشرق، وعم ذلك كل من فيه ظاهرا ومستورا إلى أن ينجز الله وعده لمن أوجب له من ولد ظهره على جميع الأرض ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، كما وعد الله عز وجل بذلك في كتابه (1) فيملأ الأرض عدلا، كما أخبر بذلك عنه رسول الله صلى الله عليه وآله كان ما كان في حياته، وما يكون بعد ذلك من ولده فهو منسوب إليه صلوات الله عليه، كما أن جميع ذلك ينسب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله إذ كان أول ما جاء به، وعنه تأصل وتفرع، ولم يزل صلى الله عليه وآله في عز ومنعة وسلطان وقوة إلى أن مضى لسبيله (2) بعد أن قام بما افترض الله عليه من القيام بدينه وكتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وآله عزيزا في نفسه قويا في أموره مذلا لأعدائه، معزا لأوليائه، وكل من سميناه وذكرناه ممن ادعى من أهل بيته مقامه، وأقام طمعا في نيل ما أفرده الله عز وجل به، فلم يقم أحد منهم إلا بعد أن أعد العدة والرجال، وجمع الأموال، ورأي أنه يغلب ويبلغ ما دام وطلب ولم يكن أحد منهم في ذلك إلا معذرا بنفسه، وملقيا إلى التهلكة بيده، فمحقوا عن آخرهم، وبددت جموعهم، وأعز الله وليه وأظهر كذلك وأعز محمدا صلى الله عليه وآله وحده، فلو لم يكن من آياته ودلائله، والشواهد له ومعجزاته غير هذا لكفى من تأملها بحقيقة الانصاف، وانقاد إلى الحق بعد الاعتراف، وان كنا إنما ذكرنا من أمره في هذا الباب جملا ونكتا إذ كان ذكره ذلك يخرج عن حد هذا الكتاب، وقد ذكرنا ذلك وأثبتناه في كتاب الدولة.
(٣٥٤)