وقد تسامح أكثر الناس في هذا الزمان باطلاق اللفظ الجازم في ذلك من غير تحرز وتثبت (1)... إلى آخر ما قال.
ويدخل المقام في عموم ما أسسه بطريق أولى من جهات عديدة لا تخفى، فيكون قوله: قال (عليه السلام)، اخبارا جزميا بصدور هذا الكلام منه، وسبب الجزم لا بد وأن يكون وثاقة الوسائط وتثبتهم وضبطهم، أو هي مع تكرر الحديث في الأصول، وغير ذلك من القرائن الحسية التي عليها المدار، مثل موافقة الكتاب والعقل والسنة القطعية، فإنها تورث الظن بالصدور فضلا عن القطع به، وإنما يجبر بها المضمون فقوله (رحمه الله): قال (عليه السلام):
كما هو اخبار جزمي عن صدور هذا الكلام عنه (عليه السلام)، اخبار عن وجود هذه القرائن المعتبرة، كما أشار إليه في أول كتابه المقنع بقوله: وحذفت الأسانيد منه لئلا يثقل حمله ولا يصعب حفظه، ولا يمله قارئه إذا كان ما أبينه فيه في الكتب الأصولية موجودا مبينا عن المشايخ العلماء الفقهاء الثقاة رحمهم الله (2)، انتهى.
وقال المحقق الداماد في الرواشح في رد من استدل على حجية المرسل مطلقا: بأنه لو لم يكن الوسط الساقط عدلا عند المرسل لما ساغ له اسناد الحديث إلى المعصوم.. إلى آخره.
قال: وإنما يتم ذلك إذا كان الارسال بالاسقاط رأسا والاسناد جزما، كما لو قال المرسل: قال النبي (صلى الله عليه وآله)، أو قال الإمام (عليه السلام) ذلك، وذلك مثل قول الصدوق عروة الاسلام رضي الله عنه في الفقيه: قال (عليه السلام) الماء يطهر ولا يطهر (3)، إذ مفاده الجزم أو الظن بصدور الحديث