مواضع عديدة وقيل ذلك مشروط بعدم التوبة والتكفير عنه بالمصائب ونحوها وعدم الإحباط والمغفرة، والذرة النملة الصغيرة أو الهباء (فاحذروا أيها الناس من الذنوب والمعاصي) يمكن تخصيص أحديهما بالكبائر والأخرى بالصغائر أو العطف للتفسير (ما قد نهاكم الله عنها وحذركموها في كتابه الصادق والبيان الناطق) العطف للتفسير أو المراد بالمعطوف بيان أهل الذكر عليهم السلام لأن مناهي الكتاب وتحذيره بعضها ظاهر وبعضها باطن يظهر ببيانهم، ووصف البيان بالناطق مجاز باعتبار أنه مظهر للمقصود كالنطق (ولا تأمنوا مكر الله وتحذيره وتهديده) المكر من النار الخديعة وهي أن يوهم غيره خلاف ما يخفيه من المكروه وإيصال السوء وإذا نسب إليه تعالى يراد به لازمه وهو العقوبة وإيصال المكروه كناية، وقيل: هو استعارة لاستدراج العبد وأخذه من حيث لا يحتسب وقيل هو إيصال المكروه إلى الغير على وجه يخفى فيجوز صدوره منه تعالى، ثم أشار إلى تعليل ذلك في الحث على ذكر الله تعالى عند دعوة الشيطان إلى معصيته بقوله (فإن الله عز وجل يقول: (إن الذين اتقوا) من عذاب الله (إذا مسهم طائف من الشيطان) من الطواف كأنه يطوف حولهم ليؤثر في قلوبهم بميلها إلى المعصية (تذكروا) الله وما أمر به ونهى عنه (فإذا هم مبصرون) بسبب التذكر موارد الخطأ ومكايد الشيطان فيحترزون منها.
سئل الصادق عليه السلام عن هذه الآية فقال: «هو العبد يهم بالذنب ثم يتذكر فيمسك فذاك قوله: (تذكروا فإذا هم مبصرون)». (وأشعروا قلوبكم خوف الله) أي اجعلوا خوفه شعارها شبه الخوف بالشعار في اللزوم والاختصاص كلزوم الشعار للسجد واختصاصه به أو اجعلوا خوفه شعارا وعلامة لقلوبكم غير مفارق عنها واجعلوا قلوبكم شاعرة غير غافلة من خوفه (ولا تكونوا من الغافلين) عن الله تعالى وعن أوامره ونواهيه ومواعظه وأحوال الآخرة وإصلاح أنفسكم.
(المايلين إلى زهرة الحياة الدنيا) أي حطامها ومتاعها لحسنها ونضارتها وبهجتها المغفلة عن الآخرة وأعمالها (الذين مكروا السيئات) أي مكروا المكرات السيئات مع الله والرسول والوصي بالمخالفة والإنكار مع المؤمنين بالأذى والإضرار وصدهم عن الإيمان والإقرار، ثم أشار إلى سوء خاتمة المكر مستشهدا بالآية الكريمة بقوله (فإن الله يقول في محكم كتابه (أفأمن الذين مكروا السيئات)) الاستفهام للإنكار والتوبيخ (ان يخسف الله بهم) كما خسف بقارون وغيره من أهل الخسف (أو يأتيهم العذاب) بغتة من السماء (من حيث لا يشعرون) كما فعل بقوم لوط أو قوم صالح (أو يأخذهم في تقلبهم) أي حال سفرهم ومسيرهم في الحوائج أو في تقلبهم من اليقظة إلى النوم (فما هم بمعجزين) لله تعالى عما أراد منهم من أنحاء العقوبة (أو يأخذهم على تخوف) أي على مخافة بأن يهلك قوما فتخوفوا فيأتيهم العذاب وهم متخوفون، أو على أن