(وذلك يوم مهود) أي مشهود فيه لأن الخلق يشهدون أي يحضرونه للخروج عن عهدة ما كلفوا به في الدنيا (ويجمع الله فيع الأولين والآخرين) تفسير وبيان لما ذكر ولعل المراد بالأولين الأمم السابقة وبالآخرين هذه الأمة مع احتمال أن يراد بهم هذا النوع بالأولين من قبله.
(يوم ينفخ في الصور) في النهاية: هو القرن الذي ينفخ فيه إسرافيل عليه السلام عند بعث الموتى إلى الحشر، وقيل: الصور جمع صورة يريد صور الموتى ينفخ فيها الأرواح، والصحيح:
الأول لأن الأحاديث تعاضدت عليه تارة بالصور وتارة بالقرن (وتبعثر فيه القبور) في النهاية:
تبعثرت النفس جاشت وانقلبت وغثت، وفي القاموس: بعثر الشيء فرقه وبدده وكشفه وأثار ما فيه، والفعل إما ماض معلوم من باب التفعلل على تشبيه القبر بإنسان أكل طعاما فلم يستقر في معدته فرده أو مضارع مجهول من الرباعي المجرد (وذلك يوم الأزفة) أزف الوقت كفرح دنى وقرب والأزف محركة الضيق وسوء العيش سميت القيامة أزفة لقرب حضورها أو لضيق عيش أكثر الناس فيها (إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين) من الغم وهو حال عن القلوب أو عن أصحابها المعلومة بقرينة المقام، والحناجر جمع الحنجرة وهي الحلق وفيه إشارة إلى اضطراب القلوب في ذلك اليوم وأنها ترتفع من الغم والخوف عن محلها فتلصق بحلوقهم فلا تعود فيتروحوا ولا تخرج فيستريحوا.
(وذلك يوم لا تقال فيه عثرة) إقاله الله عثرته وافقه في نقض العهد وأجابه إليه إذ وقع العهد بين العبد وبينه تعالى في أنه إذا عصاه يعاقب فإذا استقال العاصي في ذلك اليوم وندم من ذلك العهد وطلب منه تعالى أن ينقضه ليتخلص من العقاب لا يقال: ولا يجاب، لأن العهد مبرم لا ينقض بالإقالة (ولا تؤخذ من أحد فدية) هي ما يعطيه لينقذ به نفسه من مال أو نفس آخر (ولا تقبل من أحد معذرة) أي معذرة غير محق وإلا فالله سبحانه أعدل وأكرم من أن لا يقبل معذرة المحق، أو المراد به ليس له معذرة في المخالفة حتى تقبل لأنه تعالى قطع الأعذار ببعث الرسول وإنزال الكتاب ونصب الوصي والهداية إلى سبيله (ولا لأحد فيه مستقيل توبة) أي ليس لأحد مستقيل طالب للرجوع إلى الدنيا توبة ورجوع إيها ليفعل فيها ما يكفره أو المراد أنه ليس لطالب غفران الذنب في ذلك اليوم توبة منه لفوات محلها وهو الدنيا.
(ليس إلا الجزاء بالحسنات والجزاء بالسيئات) لأن دفع العثرة إما بالإقالة أو بالفدية أو بإبداء المعذرة أو بالاستقالة بأحد الوجهين ولا يكون شيء منها في ذلك اليوم فلم يبق إلا الجزاء ثم أشار إلى نتيجة ما ذكره بقوله (فمن كان من المؤمنين) إما غيرهم فسيذكر حالهم في قوله «واعلموا عباد الله» (عمل في هذه الدنيا مثال ذرة من خير وجده.. الخ) كما دلت عليه الآيات والروايات في