الطاعات غير مذموم بل هو من العبادات أو مقدماتها إلا أنه ليس بركون حقيقة (فإنها دار بلغة) في المصباح البلغة: ما يتبلغ به من العيش ولا يفضل، يقال: تبلغ به إذا اكتفى به وفي هذا بلاغ وبلغة وتبلغ أي كفياة (ومنزل قلعة) أي تحول وارتحال وتقلع منها إلى الآخرة وفي القاموس: القلعة بالضم العزل كالقلع والمال العارية وما لا يدوم والضعيف الذي إذا بطش به لم يثبت، وهذا منزل قلعه بالضم وبضمتين وكهمزة أي ليس بمستوطن كأنه يقلع ساكنه أو معناه لا يملكه أي لا يدري متى يتحول عنه والدنيا دار قلعة أي انقلاع وهو على قلعة أي رحلة، وفيه تنبيه على أن الدنيا ليست بدار لهم ليلتفتوا عن الركون إليها ويتوقعوا الارتحال والخروج منها (ودار عمل) يجب فيها المبادرة إليه والآخرة دار جزاء فلذلك أمر باتخاذ العمل زادا قبل انصرام الدنيا وخرابها بقوله (فتزودوا الأعمال الصالحة فيها قبل تفرق أيامها وقبل الإذن من الله في خرابها) المراد بأيامها أيام عمر كل شخص وبخرابها انقضاء تلك الأيام، وإنما شبه العمل بالزاد لاشتراكهما في التسبب للحياة والوجه في المشبه به أجلى وأظهر وفي المشبه أقوى وأكمل لأنه سبب للحياة الأبدية وهو (ولي ميراثها) لأنها تفنى وهو يبقى كالوارث (فإنما نحن به وله) أي إنما نحن موجودون بالله تعالى وله ففي الأول إشارة إلى تفويض الأمور كلها إليه وفي الثاني إشارة إلى طلب التقرب منه بالإتيان بالمأمورات والاجتناب عن المنهيات وبهما يتم النظام في الدارين وعلو المنزلة في النشأتين.
(٤٤٣)