الجسم على هيئة غير مغير ولا معذب فإن لذلك نظيرا في الخارج وهو النائم فإنه يجد لذة وألما ونحن لا نحسن من ذلك وكذلك اليقظان يجد لذة وألما بما يسمع ويتفكر فيه ولا يشاهد ذلك جليسه وكذلك كان جبرئيل عليه السلام يأتيه صلى الله عليه وآله بالوحي ولا يدركه الحاضرون.
(واقتحم عليك ملكان ناكر ونكير) فتانا القبور والروايات في غلظتهما ورقتهما وفي حسن الصورة وقبحها مختلفة ولعل ذلك باعتبار حسن عمل الميت وقبحه (فخذ حذرك) الحذر بالكسر ويحرك الاحتراز ولا يحصل ذلك إلا بمحاسبة النفس قبل الموت وحملها على فعل ما ينبغي وترك ما لا ينبغي كما أشار إليه بقوله (وانظر لنفسك وأعد الجواب قبل الامتحان والمساءلة والاختبار) فإن النظر لها يبعث على طلب ما ينفعها بعد فراغها وطلب ذلك لا يتحقق إلا بمعرفة الرب والرسول والإمام والدين والكتاب وصرف العمر فيما ينفع من الأعمال وتحصيل المال من طرق الحلال وانفاقه في وجوه البر. وبالجملة ذلك الطلب لا يتحقق إلا بتكميل القوة النظرية والعملية وكل من بلغ هذه المرتبة يرتفع عنه الشك ويسهل له الجواب عند اختبار الملكين وفيه إشعار بأن سؤالهما إنما هو للاختبار والتنبيه على الخطأ والصواب ليترتب عليه الثواب والعقاب وقد جرى قضاء الله تعالى على اختبار الخلائق في بدء التكليف إلى أن يستقروا في دار القرار أو دار البوار (فإن تك مؤمنا عارفا بدينك متبعا للصادقين مواليا لأولياء الله) هم الأئمة عليهم السلام قال الله تعالى (واتقوا الله وكونوا مع الصادقين) قال أبو جعفر عليه السلام في تفسيره «إيانا عنى» (لقاك الله حجتك) أي أفاضها عليك وألهمك إياها.
(وبشرت بالرضوان والجنة من الله عز وجل) أي برضاء الله عنك وهو والرضوان بالكسر والضم ضد السخط إلا أن الرضا لغة أهل الحجاز والرضوان لغة قيس وتميم، والجنة بالفتح الحديقة ذات الشجر، وقيل: ذات النخل، والمراد بها إما جنة الآخرة أو جنة الدنيا المعدة لنزول أرواح المؤمنين كما دل عليه بعض الروايات (واستقبلتك الملائكة بالروح والريحان) الروح بالفتح الراحة والرحمة ونسيم الريح وبالضم الحياة الدائمة وحكم الله تعالى بالبقاء والسعادة والريحان الرزق (وإن لم تكن كذلك تلجلج لسانك ودحضت حجتك وعييت عن الجواب) أي تردد لسانك وبطلت حجتك وعجزت عن الجواب (وبشرت بالنار) في لفظ البشارة تهكم واستهزاء (واستقبلتك ملائكة العذاب بنزل من حميم وتصلية جحيم) النزل بضمتين الطعام وما أعد للضيف النازل، والحميم الماء الحار، والجحيم النار الشديدة التأجج وكل نار بعضها فوق بعض والمكان الشديد الحر، والتصلية الإحراق والإدخال في النار، قال القاضي: وذلك ما يجد في القبر من سموم النار ودخانها (ذلك يوم مجموع له الناس) يجتمعون فيه لأجل الحساب والجزاء