شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ١١ - الصفحة ٤٤٢
أثابهم وإن خالفوه عاقبهم أشبه ذلك اختيار الإنسان لعبيده وتمييزه للمطيع منهم من العاصي فأطلق عليه لفظ الاختبار مجازا (وأيم الله لقد ضرب لكم فيه الأمثال وصرف الآيات لقوم يعقلون) أي ضرب لكم الأمثال للدنيا والآخرة والمطيع والعاصي وصرف الآيات الدالة على أحوال كل واحد منهما وكررها بوجوه مختلفة زيادة للتقرير والبيان لقوم يعقلون الغرض من تلك الأمثال والآيات ويتفكرون فيما هو المقصود منهما فيعكفون عليه ويتمسكون به (ولا قوة إلا بالله) أي لا قوة لنا على الإتيان بالطاعات والاجتناب عن المنهيات والامتثال بجميع الخيرات إلا بتوفيق الله وهذا غاية الابتهال وإظهار إليه تعالى (فازهدوا فيما زهدكم الله عز وجل فيه) الزهد ترك حب الدنيا والركون الفقر إليها وهو من أعظم أسباب السلوك إلى الله تعالى والبلوغ إلى درجة الأبرار وله مراتب أعلاها حذف كل شاغل من التوجه إلى حضرة الحق (فان الله عز وجل يقول) للتزهيد في الدنيا (وقوله الحق) الثابت الذي لا ريب فيه (إنما مثل الدنيا) في سرعة زوالها بعد إقبالها وإقبال الناس إليها.
(كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض) وامتزج حتى بلغ حد الكمال أو اشتبك بسببه حتى اختلط بعضه ببعض (مما يأكل الناس والأنعام) من الثمرات والحبوبات وأنواع النباتات (حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها) بالتمتع والتلذذ بها وبحاصلها (أتاها أمرنا) بهلاكها (ليلا أو نهارا فجعلناها حصيدا) من أصولها (كأن لم تغن بالأمس) ولم تقم قريبا من وقت الزوال والفناء من غنى كرضى إذا قام وعاش وهذا مثل في سرعة زوال الشيء بعد وجوده (كذلك نفصل الآيات) الدالة على سرعة زوال الدنيا وفنائها (لقوم يتفكرون) فيها ويجدون ما هو المقصود منها.
واعلم أن أهل العربية قالوا الأصل في الكاف أن يليه المشبه به مثل زيد كالأسد إلا أنه قد يليه غيره كما في هذه الآية إذ ليس المقصود تشبيه حال الدنيا بالماء بل المراد تشبيه حالها في خضرتها وبهجتها وما يتعقبها من الهلاك والفناء بحال النبات الحاصل من الماء يكون أخضر ناضرا شديدة الخضرة ثم ييبس فتطيره الرياح كأن لم يكن ثم أشار إلى نتيجة هذا التفكر بقوله (فلا تركنوا إلى الدنيا) الركون إليها شامل للركون إلى أهلها الظالمين الذين اتخذوها دار قرار طلبا لما في أيديهم كما أشار إليه بقوله (فإن الله عز وجل قال لمحمد صلى الله عليه وآله (ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار) قد أراد بهذا غيره لأنه (صلى الله عليه وآله) أرفع من أن يركن إليهم ثم أكد الزجر عن الركون إليها بقوله (ولا تركنوا إلى زهرة الدنيا وما فيها ركون من اتخذها دار قرار ومنزل استيطان) فيه تنبيه على أن الركون إليها لا بهذا الاعتبار بل باعتبار تحصيل الكفاف المتوقف عليه بقاء الحياة وفعل
(٤٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 437 438 439 440 441 442 443 444 445 446 447 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب فضل القرآن 3
2 باب فضل حامل القرآن 22
3 باب من يتعلم القرآن بمشقة 31
4 باب من حفظ القرآن ثم نسيه 32
5 باب في قراءته 35
6 باب البيوت التي يقرأ فيها القرآن 36
7 باب ثواب قراءة القرآن 38
8 باب قراءة القرآن في المصحف 43
9 باب ترتيل القرآن بالصوت الحسن 44
10 باب فيمن يظهر الغشية عند [قراءة] القرآن 52
11 باب في كم يقرأ القرآن ويختم 53
12 باب أن القرآن يرفع كما أنزل 56
13 باب فضل القرآن 57
14 باب النوادر 71
15 كتاب العشرة 89
16 باب ما يجب من المعاشرة 89
17 باب حسن المعاشرة 92
18 باب من يحب مصادقته ومصاحبته 94
19 باب من تكره مجالسته ومرافقته 98
20 باب التحبب إلى الناس والتودد إليهم 105
21 باب إخبار الرجل أخاه بحبه 107
22 باب التسليم 108
23 باب ن يجب ان يبدأ بالسلام 114
24 باب 116
25 باب التسليم على النساء 117
26 باب التسليم على أهل الملل 118
27 باب مكاتبة أهل الذمة 123
28 باب الاغضاء 123
29 باب العطاس والتسميت 125
30 باب وجوب إجلال ذي الشيبة المسلم 132
31 باب اكرام الكريم 133
32 باب حق الداخل 134
33 باب المجالس بالأمانة 134
34 باب في المناجاة 136
35 باب الجلوس 138
36 باب الاتكاء والاحتباء 142
37 باب الدعابة والضحك 144
38 باب حق الجوار 149
39 باب حد الجوار 156
40 باب حسن الصحابة وحق الصاحب في السفر 157
41 باب التكاتب 158
42 باب النوادر 159
43 باب 162
44 باب النهي عن احراق القراطيس المكتوبة 165
45 كتاب الروضة 167
46 صحيفة علي بن الحسين عليهما السلام وكلامه في الزهد 214
47 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 229
48 الخطبة الطالوتية 296
49 حديث أبي عبد الله (عليه السلام) مع المنصور في موكبه 315
50 حديث موسى (عليه السلام) 335
51 رسالة أبي جعفر (عليه السلام) إلى سعد الخير 373
52 رسالة منه (عليه السلام) إليه أيضا 386
53 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 393
54 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 403
55 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 414
56 حديث علي بن الحسين (عليهما السلام) 422
57 حديث النبي (صلى الله عليه وآله) حين عرضت عليه الخيل 426
58 كلام علي بن الحسين (عليه السلام) 433
59 حديث الشيخ مع الباقر (عليه السلام) 444
60 قصة صاحب الزيت 447
61 وصية النبي (صلى الله عليه وآله) لأمير المؤمنين (عليه السلام) 449
62 حديث البحر مع الشمس 462
63 حديث الطبيب 470
64 حديث الحوت على أي شيء هو 472
65 حديث الأحلام والحجة على أهل ذلك الزمان 474
66 فهرس الآيات 481