شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ١١ - الصفحة ٣٩٥
صلاحهم منوطا بهمته العالية نسب الخوف عليهم إلى نفسه القدسية (اتباع الهوى) هو ميل النفس الأمارة بالسوء إلى مقتضاها من اللذات الدنيوية خصوصا إذا كانت خارجة عن القوانين الشرعية (وطول الأمل) لما لا ينبغي من المقتضيات الفانية (أما اتباع الهوى فيصد عن الحق) لأن اتباع النفس الأمارة في مقتضياتها والاقتفاء بها في لذاتها أعظم جاذب للإنسان عن قصد الحق وأفخم ساد له عن سلوك سبيله (وأما طول الأمل فينسي الآخرة) لأنه يوجب شغل الفكر فيما يؤمله ويرجوه وفي كيفية تحصيله وضبطه بعد حصوله وكيفية العمل به ويورث سهو القلب عما هو أولى به من أمر معاده ومن ذكر الله وذكر ما بعد الموت من أحوال الآخرة ومحو ما تصور منها في الذهن وذلك معنى النسيان لها الموجب للشقاء الأبدي فيها.
(ألا إن الدنيا قد ترحلت مدبرة) الرحل الانتقال يقال: ترحم القوم عن المكان إذا انتقلوا، وفيه إشارة إلى تقضي الأحوال الحاضرة بالنسبة إلى كل شخص من صحة وشباب وجاه ومال وكل ما يكون سببا لصلاح حاله فإن كل ذلك أجزاء الدنيا لدنوها منه ولما كانت هذه الأمور أبدا في التغير والتقضي المقتضي لمفارقته لها وبعدها عنه لا جرم حسن إطلاق اسم الترحل والإدبار على تقضيها وبعدها استعارة تشبيها لها بالحيوان في إدبارها والغرض هو الحث على ترك الركون إليها والعكوف عليها وصرف العمر فيها.
ولما نبه على أن الدنيا سريعة الزوال أردف ذلك بالتنبيه على سرعة لحوق الآخرة وإقبالها بقوله (وإن الآخرة قد ترحلت مقبلة) لما كانت الآخرة عبارة عن الدار الجامعة للأحوال التي يكون كل شخص عليها من سعادة وشقاوة وألم وراحة وكان تقضي العمر والدنيا موجبا للوصول إلى تلك الدار والحصول فيما يشتمل عليه من خير أو شر حسن إطلاق الترحل والإقبال عليها مجازا وبالجملة أحوال الإنسان إذا كانت مقتضية يطلق عليها اسم الإدبار وإذا كانت متوقعة يطلق عليها اسم الإقبال (ولكل منهما بنون) استعار اسم الابن للخلق بالنسبة إلى الدنيا والآخرة ولفظ الأب لهما ووجه الاستعارة أن الابن لما كان من شأنه الميل إلى الأب إما بالطبع أو بتصور المنفعة وكان وكان الخلق منهم من يريد الدنيا لما يتوهم من لذة وخير فيها ومنهم من يريد الآخرة لما يتصور من لذة وسعادة فيها ويميل كل منهما إلى مراده شبههم بالابن وشبهها بالأب فاستعار لفظ الابن والأب لهما بتلك المشابهة ولما كان غرضه عليه السلام حث الخلق على الآخرة والميل إليها والرغبة فيها والإعراض عن الدنيا وحطامها قال: (فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا) لدوام الآخرة ولذاتها وفناء الدنيا وزهراتها ثم حث على العمل في الدنيا للآخرة للوصول إلى نعيمها ودرجاتها والتحرز عن حسابها وعقوباتها فقال (فإن اليوم عمل ولا حساب وإن غدا حساب ولا
(٣٩٥)
مفاتيح البحث: الموت (1)، الخوف (1)، السهو (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 390 391 392 393 394 395 396 397 398 399 400 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب فضل القرآن 3
2 باب فضل حامل القرآن 22
3 باب من يتعلم القرآن بمشقة 31
4 باب من حفظ القرآن ثم نسيه 32
5 باب في قراءته 35
6 باب البيوت التي يقرأ فيها القرآن 36
7 باب ثواب قراءة القرآن 38
8 باب قراءة القرآن في المصحف 43
9 باب ترتيل القرآن بالصوت الحسن 44
10 باب فيمن يظهر الغشية عند [قراءة] القرآن 52
11 باب في كم يقرأ القرآن ويختم 53
12 باب أن القرآن يرفع كما أنزل 56
13 باب فضل القرآن 57
14 باب النوادر 71
15 كتاب العشرة 89
16 باب ما يجب من المعاشرة 89
17 باب حسن المعاشرة 92
18 باب من يحب مصادقته ومصاحبته 94
19 باب من تكره مجالسته ومرافقته 98
20 باب التحبب إلى الناس والتودد إليهم 105
21 باب إخبار الرجل أخاه بحبه 107
22 باب التسليم 108
23 باب ن يجب ان يبدأ بالسلام 114
24 باب 116
25 باب التسليم على النساء 117
26 باب التسليم على أهل الملل 118
27 باب مكاتبة أهل الذمة 123
28 باب الاغضاء 123
29 باب العطاس والتسميت 125
30 باب وجوب إجلال ذي الشيبة المسلم 132
31 باب اكرام الكريم 133
32 باب حق الداخل 134
33 باب المجالس بالأمانة 134
34 باب في المناجاة 136
35 باب الجلوس 138
36 باب الاتكاء والاحتباء 142
37 باب الدعابة والضحك 144
38 باب حق الجوار 149
39 باب حد الجوار 156
40 باب حسن الصحابة وحق الصاحب في السفر 157
41 باب التكاتب 158
42 باب النوادر 159
43 باب 162
44 باب النهي عن احراق القراطيس المكتوبة 165
45 كتاب الروضة 167
46 صحيفة علي بن الحسين عليهما السلام وكلامه في الزهد 214
47 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 229
48 الخطبة الطالوتية 296
49 حديث أبي عبد الله (عليه السلام) مع المنصور في موكبه 315
50 حديث موسى (عليه السلام) 335
51 رسالة أبي جعفر (عليه السلام) إلى سعد الخير 373
52 رسالة منه (عليه السلام) إليه أيضا 386
53 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 393
54 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 403
55 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 414
56 حديث علي بن الحسين (عليهما السلام) 422
57 حديث النبي (صلى الله عليه وآله) حين عرضت عليه الخيل 426
58 كلام علي بن الحسين (عليه السلام) 433
59 حديث الشيخ مع الباقر (عليه السلام) 444
60 قصة صاحب الزيت 447
61 وصية النبي (صلى الله عليه وآله) لأمير المؤمنين (عليه السلام) 449
62 حديث البحر مع الشمس 462
63 حديث الطبيب 470
64 حديث الحوت على أي شيء هو 472
65 حديث الأحلام والحجة على أهل ذلك الزمان 474
66 فهرس الآيات 481