محمد (صلى الله عليه وآله) حتى نعبدهما ونترك آلهتنا، وقرئ بإثبات همزة الاستفهام أيضا ولعل غرضهم منه هو التقرير بأن آلهتهم خير وفيه دلالة على أنهم كانوا باقين على الشرك (ما ضربوه) أي هذا القول (لك إلا جدلا) أي لأجل الخصومة والمنازعة بمقتضى الحسد والحمية الجاهلية مع علمهم بأنه باطل (بل هم قوم خصمون) في أعلى درجات الشدة والقوة على الخصومة (ان هو إلا عبد أنعمنا عليه) بالنبوة والرسالة والكرامة (وجعلناه مثلا) فيما ذكر أو أمرا عجيبا غريبا كالمثل السائر (لبني إسرائيل) وأمرناهم بمتاعبته فلا يبعد أن نجل عليا مثله في الفضل والكرامة (ولو نشاء لجعلنا) بدلا (منكم - يعني من بني هاشم - ملائكة في الأرض يخلفون) أي يخلفونكم في الأرض وإذا قدرنا على ذلك فكيف لا نقدر على أن نجعل واحدا من البشر في الفضل والكمال بحيث يستحق خلافتكم وبذلك أبطل إنكارهم لفضله عليه السلام.
(قال: فغضب الحارث بن عمرو الفهري) المنسوب إلى الفهر وهو بالكسر قبيلة من قريش فقال (اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك) نسب عليه السلام هذا القول إلى الحارث وحده لأنه القائل به حقيقة ونسب جل شأنه إليه وإلى شركائه في التهكم والتكذيب والإصرار على الإنكار حيث قال (وإذ قالوا اللهم) باعتبار رضائهم بصدور الفعل عنه والراضي بالفعل فاعل مجازا ولفظ هذا إشارة إلى ما ذكر من فضل علي عليه السلام الدال على تقدمه على الغير واستحقاقه للخلافة ولذلك قال على سبيل البيان والتوبيخ: (إن بني هاشم يتوارثون بعضهم بعضا هرقلا بعد هرقل) أي توارث هرقل بعد هرقل حذف المفعول المطلق وأقيم المضاف إليه مقامه وأعرب بإعرابه.
وفي القاموس: هرقل كسبحل وزبرج ملك الروم أول من ضرب الدينار وأول من أخذ البيعة (فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم) غيرها عقوبة على إنكاره وقال ذلك لكونه جازما بكذب النبي (صلى الله عليه وآله) ولو كان شاكا لما اجترأ عليه (فأنزل الله تعالى عليه مقالة الحارث) فقال (وإذ قالوا اللهم..) الآية (ونزلت هذه الآية وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم) بيان لما كان الموجب لإمهالهم والتأخير في إجابة دعائهم على أنفسهم واللام لتأكيد النفي والدلالة على أن تعذيبهم بالاستيصال والنبي فيهم خارج عن رعايته غير جار في قضائه ومن بركته رفعت العقوبات الدنيوية الفظيعة مثل المسخ وغيره عن هذه الأمة (وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون) أي وفيهم المستغفرون من المؤمنين أو على فرض استغفارهم يعني لو استغفروا لم يعذبوا لقوله تعالى (وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون) كذا فسره بعض المفسرين (ثم قال له: يا عمروا إما تبت وإما رحلت) لعله كان قد يسمى باسم أبيه أيضا وفي بعض النسخ يا أبا عمرو وقراءة با عمرو بالباء الموحدة وحذف حرف النداء محتملة أيضا (فقال: يا محمد بل تجعل لساير قريش) أراد نفسه الخبيثة أو الأعم (شيئا مما في يديك) من الملك والخلافة أو العز والكرامة (فقد ذهبت بنو