ملكه.
(فقلت: لعل الله عز وجل أن يكفيك) من الإصابة ومقتضاها (فإني لم أخصك بهذا) أي بزوال الملك من إصابة الدماء (وإنما هو حديث رويته) عن آبائي وفيه تبعيد لنفسه عن العلم بالغيب خوفا منه (لعل غيرك من أهل بيتك يتولى ذلك) أي أمر الخلافة أو إصابة الدماء ويجري فيه حكم الله تعالى بالتغير والزوال (قد دخلني من ذلك شك) في التوحيد وعدله أو في الولاية لوسوسة الخبيث بأن إعطاء الفاسق الدني اللئيم ومنع العادل الشريف الكريم جور في القسمة أو بأن المذلة تنافي الولاية كل ذلك لعدم علمه بالحكمة (حتى خفت على ديني) بالارتداد والزوال (وعلى نفسي) بالعقوبة والنكال ولما كان منشأ شكه تخيل الجور في القسمة أو تخيل الذل عليه السلام أشار إلى دفعه بقوله (لو رأيت من كان حولي الخ) وبين أن ما أعطاه خير مما أعطى المنصور لأن جنود الملائكة أشرف وأكرم من جنود شيطان الأنس وبذلك ظهر عزه واحتقار المنصور (فقال الآن سكن قلبي) بزوال الاضطراب وذهاب الوسوسة عنه.
(فقال: إلى متى هؤلاء يملكون؟ أو متى الراحة منهم؟) لعل الترديد من الراوي مع احتمال الجمع بأن يكون الأول سؤالا عن مدة ملكهم والثاني عن نهايته أو عن بداية ظهور الصاحب عليه السلام (فقلت: أليس تعلم أن لكل شيء) من الأمور الممكنة (مدة قال بلى) الاستفهام لتقرير المنفي ولذلك أجاب به (فقلت هل ينفعك علمك) الظاهر أن الاستفهام للإنكار لأن العلم بأن للجور مدة وللراحة مدة والعلم بنهاية الأولى وبداية الثانية لا ينفع في رفع الجور وحصول الراحة قبلهما بالفعل وأما بعدهما فترتفع الجور وتحصل الراحة سواء علم أم لم يعلم فلا نفع للعلم بهما فلا فائدة في السؤال عنهما، ثم رغب في انتظار الفرج والتوقع في حصوله على سبيل الاستيناف بقوله: (إن هذا الأمر إذا جاء كان أسرع من طرفة العين) لأنه تعالى إذا أراد شيئا يجيىء ذلك الشيء بلا تخلف ولا مهلة، والمراد بهذا الأمر إما زوال مدة ملكهم أو الراحة بظهور القائم عليه السلام ثم صرف الكلام إلى ذم الطاغي وأصحابه لتنفير المخاطب عما رآه من حسن ظاهرهم بقوله (إنك لو تعلم حالهم عند الله عز وجل وكيف هي كنت لهم أشد بغضا) لأن كل مالهم مما يدل على حسن ظواهرهم عند القاصرين فهي سموم قاتلة وحيات مهلكة وصور موحشة عند الصالحين ولما كان من المقرر أن كل شخص مجتهد في إضرار عدوه وراض بلحوق الإثم والعقوبة به حمل عليه السلام المخاطب على الرضا بما هم عليه من حيث أنهم أعداء له بقوله (ولو جهدت وجهد أهل الأرض أن يدخلوهم في أشد مما هم فيه من الإثم لم يقدروا) لأن ما دخلوا فيه إثم وكفر يوجب الخلود في النار وعقوبة الأبد في دار البوار وكل ما سواه من العقوبة التي يوصله العدو إلى عدوه فإنما هي عقوبة دنيوية وهي سهل بالنسبة إلى العقوبة الاخروية. ثم نفر المخاطب