العطف للتفسير.
(ورأيت المؤمن صامتا لا يقبل قوله) لإيمانه أو لضعف حاله (ورأيت الفاسق يكذب ولا يرد عليه كذبه وفريته) لعدم وجود الراد أو لوجوده مع عدم القدرة على الرد أو مع القدرة وعدم المبالاة بالكذب، والفرية الكذب عن عمد فذكرها بعد الكذب من باب ذكر الخاص بعد العام (ورأيت الصغير يستحقر الكبير) في السن أو الرتبة وهو من خلاف الآداب الشرعية المطلوبة للتخلق بالأخلاق الحسنة ولحفظ نظام الكل.
(ورأيت الأرحام قد تقطعت) أعظم الأرحام رحم محمد (صلى الله عليه وآله) ثم أرحام الناس وفي صلتها بالشفقة والرأفة والتقرب والإحسان باليد واللسان فوائد كثيرة في الدنيا والآخرة وفي قطعها مفاسد عظيمة فيهما ولذلك وقع الأمر بحفظها في الآيات والروايات كما في كتاب الأصول (ورأيت من يمتدح بالفسق يضحك منه ولا يرد قوله) امتدحه امتداحا ومدحه كمنعه مدحا أحسن الثناء عليه، والمراد بالفسق كل ما هو قبيح شرعا ولا ريب في أن مدح الفاسق بفسقه أي نوع كان وضحك السامع منه ونشاطه باستماعه وعدم رد قوله دليل على ضعف دينه وفساد قلبه.
(ورأيت الغلام يعطي ما تعطي المرأة) فيه إشارة إلى فساد المفعول وذمه وفي السابق إشارة إلى فساد الفاعل وذمه فلا تكرار (ورأيت النساء يتزوجن بالنساء) كأن المراد به تزويج الخنثى بالخنثى أو بالمرأة وإن أريد بالتزويج المساحقة مع أنه بعيد لزم التكرار والله يعلم (ورأيت الثناء قد كثر) الروايات في ذم ثناء الناس كثيرة وهو من توابع الفساد في القوة الشهوية وميل النفس الأمارة إلى الدنيا وغلبتها على القوة العقلية الحاكمة بأن المستحق للثناء ليس إلا الله عز وجل وفي بعض النسخ «البناء» بالنون بعد الباء الموحدة المراد بكثرته الزائد على قدر الحاجة كما وكيفا (ورأيت الرجل ينفق المال في غير طاعة الله فلا ينهى عنه ولا يؤخذ على يديه) وجب نهي المسرف عن الإسراف فإن لم ينته وجب أخذ يديه من التصرف في ماله وإعطاء قوته اللايق به وإن لم يتحقق شيء من ذلك فقد اتفقوا على هدم الشريعة (ورأيت الناظر يتعوذ بالله مما يرى المؤمن فيه من الاجتهاد) في العلم والعمل والورع والتقوى وتحسين الأخلاق والناظر إليه ينبغي إليه التأسي به فإذا تعوذ من عمله فقد عد الخير شرا والشر خيرا وسعى في تخريب الدين وإغراء الناس بالصالحين (ورأيت الجار يؤذي جاره وليس له مانع) حفظ الجار ورفع الجور والأذى والظلم عنه واجب فمن يؤذي جاره ولا يمنعه أحد اتفقوا في الجور ورفع الأحكام وتبديل النظام.
(ورأيت الكافر فرحا لما يرى في المؤمن، مرحا لما يرى في الأرض من الفساد) الفرح والمرح محركة السرور والبطر والأشر والاحتيال والتبختر والنشاط، وقيل: المرح أشد من الفرح والمراد بالفساد إما الفساد الناشئ من الكفر لكون الحاكم العادل مقهورا بسبب عدم الناصر له أو