لم يقدر على غيره بل للتذلل لله تعالى في مقابلة تكبر ذلك الطاغي عليه.
(فقال لي يا أبا عبد الله قد كان ينبغي لك أن تفرح.. الخ) للقرابة النسبية ولإزالة بني أمية الذين كانوا أعداء لنبي هاشم وكانوا يسبون عليا عليه السلام (ولا تخبر الناس أنك أحق بهذا الأمر) أي بأمر الخلافة (منا وأهل بيتك) بالنصب عطف على كاف الخطاب أي ولا تخبر الناس أن أهل بيتك أحق بهذا الأمر منا (فتغرينا بك وبهم) أي تهيجنا على الإيذاء والإضرار بك وبهم وفي كنز اللغة:
الإغواء در حرص انداختن وبرانگيختن (فقال: أتحلف على ما تقول) من أن الرافع كاذب أو من أنك لم تخبر أحدا بأنك أحق بهذا الأمر وعدم الإضرار بعدم الحلف مع طلب الطاغي إنما هو بلطف الله وحفظه وصرف قلبه عنه (فقلت: إن الناس شجرة بغي) أي ظلم وفساد وجور وعناد شبههم بالشجرة وبغيهم بالثمرة فكما أن الثمرة يتولد من الشجرة كذلك البغي والفساد يتولد من الناس (يحبون أن يفسدوا قلبك علي) فينقلون مني إليك ما يوجب تغيرك علي (فلا تمكنهم من سمعك) أي فلا تسمع قولهم في وعلله بقوله (فإنا إليك أحوج منك إلينا) لأن احتياجه عليه السلام إليه في حفظ دمه ودم شيعته ورعاية حقوقهم وترك الجور عليهم ومراعاة الصلة وهذا أمر متحقق ثابت وإما احتياجه إليه عليه السلام فقد كان في الأمور الدينية وقد أفسد الدين ولوازمه فكأنه لم يكن محتاجا إليه.
(فقال لي: تذكر يوم سألتك هل لنا ملك) سأل هذا الطاغي أبا جعفر (عليه السلام) أيضا فأجابه بما أجابه خلفه الصادق عليه السلام مع زيادة كما يجيىء في حديث الصيحة (فقلت نعم طويل عريض شديد) طويل بحسب المدة والزمان، عريض بحسب المساكن والبلدان، شديد بحسب القوة والسلطان (فلا تزالون في مهلة من أمركم) هو السلطنة (وفسحة من دنياكم) الفسحة بالضم السعة والمراد بها السعة في الأموال والبلاد (حتى تصيبوا منا دما حراما في شهر حرام في بلد حرام) وحينئذ تستحقون زوال دولتكم وفناء سلطنتكم ولا يكون لكم في الأرض ناصر ولا في السماء عاذر، قال بعض الأفاضل كأنه إشارة إلى المقتولين بفخ في ذي الحجة الحرام، وفخ من الحرم بين تنعيم ومكة، وقال الأمين الأسترآبادي: يمكن أن يكون المراد ما فعله هارون قتل في ليلة واحدة كثيرا من السادات. ويمكن أن يكون المراد قتلهم المقتولين بفخ وهو موضع قرب مكة انتهى، ونظير ما نحن فيه من طرق العامة عن الحسن بن علي عليهما السلام قال «إن هؤلاء أخافوني وهم قاتلي فإذا فعلوا ذلك سلط الله عليهم من يقتلهم حتى يكونوا أذل من فرم الأمة» الفرم بالفتح والسكون خرقة الحيض وما يجيىء في حديث الناس يوم القيامة عن أبي عبد الله (عليه السلام) «إن الله عز ذكره أذن في هلاكه بني أمية بعد إحراقهم زيدا بسبعة أيام» ويفهم من جميع ذلك أنه لا يلزم أن يكون الزوال بعد فعلهم ذلك بلا فصل (فعرفت أنه قد حفظ الحديث) فيكف من إصابة دمائنا خوفا من زوال