وقدرته وصدور أفعاله محكمة عنه دلت على أنه حي بالضرورة ولذلك قيل: حياته توجب صحة العلم والقدرة، وقال صاحب العدة: الحي هو الفعال المدرك وهو حي بنفسه لا يجوز عليه الموت والفناء ولا يحتاج إلى حياة بها يحيى، وقال القطب في درة التاج: حياته تعالى ادراك الأشياء وهو لما كان عالما بذاته ومعلوماته كما هي على الوجه الأتم الأبلغ كان حيا وليست حياته أمرا زائدا قائما به بل هي عين ذاته كالعلم وسائر صفاته.
وأما أنه بلا كيف فلأن الكيفيات على أقسامها مخلوقة محدثة والقديم الأزلي الكامل بالذات يمتنع أن يتصف بالمحدثات ولأنه لو اتصف بها لكان الواجب بالذات إما المجموع أو الموصوف بدون الصفة أو العكس والكل محال أما الأول فلأنه يوجب تركيبه وحدوثه وافتقاره إلى الأجزاء وموجدها وإلى المؤلف والتأليف والصورة وهو منزه عن جميع ذلك وأما الأخيران فلأنهما يوجبان النقص والافتقار إلى الحال والمحل والتغير من حال إلى حال وأنه محال (ولم يكن له) أي ولم يكن الكيف ثابتا له، والواو إما للعطف والتفسير أو للحال (كان ولا كان لكانه) أي لكونه ووجوده (كيف) كان أولا تامة أو ناقصة بتقدير الخبر أي كان موجودا في الأزل والواو للحال عن اسمه وثانيا ناقصة، وكيف بالرفع اسمه والظرف المقدم خبره يعني أنه كان أزلا والحال أنه ما كان لوجوده كيف لأن الكيف حادث وإذا كان كذلك فوجب أن لا يتصف به أبدا لأن أبده كأزله وأزله كأبده ولأن الكيف إن كان من صفات كماله لزم نقصه في الأزل لعدم اتصافه به وإن لم يكن منها كان نقصا له فيلزم النقص بالاتصاف به في الأبد والنقص عليه محال.
(ولا كان له أين) أي كان في الأزل ولا كان له أين لأن الأين أيضا حادث فيستحيل كونه فيه لمثل ما مر ويحتمل أن يكون المراد بالفقرتين أنه كان في الأزل وما كان له استعداد الاتصاف بالكيف ولا استعداد الحصول في الأين حتى ينتقل من الاستعداد إلى الفعل بعد إيجاد الكيف والأين (ولا كان في شيء) كالجزء في الكل والصفة في الموصوف والصورة في المادة والعرض في الموضوع والمقدار في الجسم والروح في البدن والمظروف في الظرف والجسم في الهواء وذلك لأن معنى الحلول في الشيء هو الحصول فيه على سبيل التبعية وهو عليه محال لأنه إن افتقر إلى ذلك المحل في وجوده وكماله لزم الاحتياج المنافي للوجوب الذاتي وإن لم يفتقر إليه في كماله كان الحلول فيه نقصا له لأن ما ليس بكمال فهو نقص وهو منزه عنه (ولا كان على شيء) بالاستقرار فيه ولا بعدمه كالملك على السرير والراكب على المركوب والسقف على الجدران والجسم على المكان والهواء على الماء والسماء على الهواء للزوم التشابه بالجسم والجسمانيات والافتقار والنقص والاختصاص ببعض الجهات وأنه محال (ولا ابتدع لكانه مكانا) لتقدس وجوده عن المكان وللزوم النقصان اللازم للإمكان وتوهم كون كل شيء في مكان باطل لأن المكان شيء ولا