الثقل يقال: وخم الطعام إذا ثقل فلم يستمرىء فهو وخيم وقد تكون الوخامة في المعاني يقال: هذا الأمر وخيم العاقبة أي ثقيل رديء (وما اجتلبتم من ولاية أهل الجور، وخلافتهم ولسان نوركم) أي قرآنكم أو شريعتكم وهو (عليه السلام) لسانهما لأنه ينطق بما هو المقصود منهما (فعن قليل رويدا ينزل بكم ما وعدتم) من العذاب بسبب المخالفة للكتاب والشريعة وقول النبي والوصي (عليهما السلام) (وما نزل بالأمم قبلكم) بسبب مخالفتهم لكتابهم ونبيهم وأوصيائه (وسيسألكم الله تعالى عن أئمتكم) الهداة والضلالة فيسألكم عن ترك المتابعة للأئمة الهداة من العلم والحجة أو يسألكم عن سبب المتابعة لأئمة الضلالة مع عدمها والأخير أنسب بقوله (معهم تحشرون) لأن حشرهم مع أئمة الضلالة كما دلت عليه الرواية والآية مثل قوله تعالى: (يوم ندعوا كل أناس بإمامهم).
(وإلى الله عز وجل غدا تصيرون) فيه وعيد بأنهم سيجدون جزاء ما كانوا يعملون ثم أبدى عليه السلام عذره في ترك طلب الخلافة وعدم المنازعة والمقاتلة معهم وهو قلة الأنصار والمعاون بل عدم وجودهم أصلا ومن أقدم في تلك الحال على مقاتلة الأبطال بدون إذن الرسول والملك المتعال ألقى نفسه إلى التهلكة فكيف إذا وقع الأمر بتركه لمصلحة جليلة كما أشار إليه آخرا فقال:
(أما والله لو كان لي عدة أصحاب طالوت) العدة بالكسر الجماعة وبالضم الاستعداد والأهبة والإضافة على الأول بيانية وعلى الثاني لامية والمشهور أنهم كانوا ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا وقيل ثلاثة آلاف وقيل: ألف (أو عدة أهل بدر) ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا على المشهور وزاد بعضهم أربعة وبعضهم اثنين، قيل: روى نصر بن مزاحم في كتاب صفين أنه (عليه السلام) كان يقول: لو وجدت أربعين ذوي عزم (وهم أعداؤكم) متعطشون بدمائكم كأصحاب بدر وأصحاب طالوت بالنسبة إلى خصومهم والواو للحال ولابد من هذا القيد لأن المقاتلة لا تتمشى بدون قوم متصفين بالعداوة وفي بعض النسخ «وهم أعدادكم» بالدال وكأنه إشارة إلى أن مثلهم في العدد موجود فيكم لتكون تحريضا لهم في الاجتماع عليه والانقياد له في أمر المحاربة (لضربتكم بالسيف حتى تؤولوا إلى الحق) أي حتى ترجعوا من الدين الباطل وهو الذي أخذتموه بأهوائكم إلى الدين الحق وهو ما جاء به الرسول (صلى الله عليه وآله) (وتنيبوا للصدق) وهو الولاية له (عليه السلام).
(فكان أرتق للفتق) الفتق شق عصا المسلمين ووقوع المنازعة بينهم في أمر الدين وأحكامه المبتنية على العلم واليقين والرتق ضد الفتق والظاهر أن ضمير كان راجع إلى الأول والإنابة (وآخذ بالرفق) الأخذ التناول والرفق ضد الخرق وهو اللين والتلطف وترك العنف والعجلة والخشونة والتفريع ظاهر لأن الإمام إذا كان عالما عادلا معصوما لم يقع بينهم شقاق في الدين ولا منازعة في شيء من أحكامه ولا عجلة وجور وعنف وخشونة على أحد بخلاف ما إذا كان ظالما جاهلا فإن الظلم والجهل منشآن للفتق والخرق ولواحقهما (اللهم فاحكم بيننا بالحق وأنت أحكم