وتنفير عن القبايح روى عن أبي جعفر وأبي عبد الله وأبي الحسن الرضا عليهم السلام «إن أعمال العباد تعرض على رسول الله (صلى الله عليه وآله) والأئمة عليهم السلام قرأوا قوله تعالى: (اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون) قالوا: المؤمنون علي بن أبي طالب والأئمة عليهم السلام وفي رواية أخرى «فلا تسوؤا رسول الله (صلى الله عليه وآله) وسروه». (فانتفعوا بالعظة) هي بالكسر المنع من الدخول فيما منعه الله تعالى وحرمه. (وتأدبوا بآداب الصالحين) أدبه فتأدب أي علمه فتعلم أو الأدب كل ما فيه صلاح النفس سمي أدبا لأنه تعالى دعاهم إليه.
* الأصل:
3 - أحمد بن محمد بن أحمد الكوفي وهو العاصمي، عن عبد الواحد بن الصواف، عن محمد ابن إسماعيل الهمداني، عن أبي الحسن موسى (عليه السلام) قال: كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يوصي أصحابه ويقول: أوصيكم بتقوى الله فإنها غبطة الطالب الراجي وثقة الهارب اللاجي واستشعروا التقوى شعارا باطنا واذكروا الله ذكرا خالصا تحيوا به أفضل الحياة وتسلكوا به طريق النجاة، انظروا في الدنيا نظر الزاهد المفارق لها فإنها تزيل الثاوي الساكن وتفجع المترف الآمن ولا يرجى منها ما تولى فأدبر ولا يدري ما هو آت منها فينتظر، وصل البلاء منها الرخاء والبقاء منها إلى فناء، فسرورها مشوب بالحزن، والبقاء فيها إلى الضعف والوهن، فهي كروضة اعتم مرعاها وأعجبت من يراها، عذب شربها، طيب تربها، تمج عروقها الثرى، وتنطف فروعها الندي، حتى إذا بلغ الشعب إبانه واستوى بنانه هاجت ريح تحت الورق وتفرق ما اتسق فأصبحت كما قال الله:
(هشيما تذروه الرياح وكان الله على كل شيء مقتدرا) انظروا في الدنيا في كثرة ما يعجبكم وقلة ما ينفعكم.
* الشرح:
(قال: كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يوصي أصحابه ويقول: أوصيكم بتقوى الله) بالتجنب عن المعاصي والتنزه عما يشغل القلب عنه تعالى وهي أكمل ما ينفع في الدنيا والآخرة ولذلك بعد الوصية بها ذكر لها غايتين للترغيب فيها الأول أنها لعظم ثوابها في الآخرة يتمنى الناظر إليها منزلة صاحبها، الثانية أنها واقية تقي صاحبها عن المكاره والعقوبات الدنيوية والأخروية وإلى الأولى أشار بقوله: (فإنها غبطة الطالب الراجي) الغبطة بالكسر: النعمة والمسرة وحسن الحال من غبطته كضربته وسمعته إذا اشتهيت أن يكون لك مثل ما يكون له من غير أن يزول عنه فأنت غابط وذاك مغبوط ولعل المقصود أن التقوى غبطة لطالب لقاء الله الراجي له ونعمة عظيمة توجب علو منزلته ورفع درجته إلى حد يتمنى الناظر إليه منزلته وإنما جعلنا الطالب مغبوطا لا غابطا لأن إضافة الغبطة