نا صالحين) ذم الله عز وجل المرأتين المذكورتين ومثل حالهما بحال امرأة نوح وامرأة لوط في أنهما بالنفاق واستبطان الكفر وعدم الإخلاص كفرتا وخرجتا عن الدين فلم يغن نوح ولوط عنهما من عذاب الله شيئا من الاغناء بحق الزواج حتى يقال لهما عند الموت أو في القيامة: ادخلا النار مع سائر الداخلين من الكفرة الذين لا وصلة بينهم وبين الأنبياء، قال المفسرون فيه إشارة إلى أن سبب القرب والرجحان عند الله تعالى ليس إلا الصلاح كائنا من كان وخيانة المرأتين ليست هي الفجور وإنما هي نفاقهما وابطانهما الكفر وتظاهرهما على الرسولين فامرأة نوح قالت لقومه أنه مجنون وامرأة لوط دلت قومه على ضيفانه، وليس المراد بالخيانة البغى والزنا إذ ما زنت امرأة نبي قط، وذلك هو المراد بقوله (عليه السلام):
(ما ترى من الخيانة في قول الله عز وجل (فخانتاهما) ما يعني بذلك إلا الفاحشة) هي كلما يشتد قبحه من الذنوب والمعاصي والمراد بها هنا النفاق والمخالفة والكفر، وفيه رد لقول زرارة وهي مقرة بحكمه مقرة بدينه إذ علاقة الزوجية لا تستلزم ذلك وقوله (عليه السلام). (وقد زوج رسول الله (صلى الله عليه وآله) فلانا) إشارة إلى أن يجوز للمؤمنة التزويج بالمخالف المظهر للإسلام المبطن للنفاق والكفر وهو مذهب المفيد والمحقق ابن سعيد والمشهور المنع لأخبار كثيرة بعضها مرسل وبعضها ضعيف وبعضها مجهول وهما حملاها على الكراهية جمعا ودعوى الإجماع على المنع لم يثبت والاحتياط ظاهر، ولما استشعر زرارة من الكلام المذكور الرخصة في نكاحهن أراد أن يعلمها صريحا.
(قال: قلت أصلحك الله ما تأمرني انطلق فاتزوج بأمرك) أي أتزوج من النساء اللواتي لا يعرفن هذا الأمر بأمرك وإذنك.
(فقال لي: أن كنت فاعلا فعليك بالبلهاء من النساء) الأبله ضعيف العقل والأنثى بلهاء والجمع بله مثل أحمر وحمراء وحمر، وفعله بله من باب تعب.
(قلت وما البهاء؟ قال: ذوات الخدور العفاءف) الخدر بالكسر الستر، والجمع خدور، يطلق الخدر على البيت أن كانت فيها امرأة وإلا فلا وأخدرت الجارية لزمت الخدر وأخدرها أهلها أي ستروها وصانوها عن الإمتهان والخروج لقضاء حوائجها، يتعدى ولا يتعدى، والعفائف جمع العفيفة وهي المرأة الممتنعة عن القبائح حياء من عف عن الشيء يعف من باب ضرب عفة بالكسر وعفافا بالفتح امتنع عنه، وإنما أمر بتزويجهن لأنهن أقرب إلى الحق وقبول دين الأزواج وأبعد من سوء الأخلاق ونصب أهل البيت (عليهم السلام).
(فقلت من هي على دين سالم بن أبي حفصة؟ قال: لا) كان زيديا بتريا من رؤسائهم لعنه