بلى والله لقد سمعوا ولكن احلولت الدنيا في أعينهم، وراقهم زبرجها، والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لولا حضور الناصر وقيام الحجة (1) وما أخذ الله تعالى على العلماء أن لا يقروا [على] كظة ظالم ولا سغب مظلوم لا لقيت حبلها على غاربها، ولسقيت آخرها بكأس أولها، ولألفيتم دنياكم أزهد عندي من عفطة (2) عنز.
قال: وناوله رجل من أهل السواد كتابا فقطع كلامه وتناول الكتاب فقلت:
يا أمير المؤمنين لو اطردت مقالتك إلى حيث بلغت.
فقال: هيهات يا ابن عباس! تلك شقشقة هدرت ثم قرت. فما أسفت على كلام قط كأسفي على كلام أمير المؤمنين صلوات الله عليه إذ لم يبلغ حيث أراد.
قال مصنف هذا الكتاب: سألت الحسن بن عبد الله بن سيعد العسكري عن تفسير هذا الخبر ففسره لي وقال:
تفسير الخبر قوله عليه السلام: " لقد تقمصها " أي لبسها مثل القميص، يقال:
تقمص الرجل أو تدرع وتردي وتمندل.
وقوله: " محل القطب من الرحي " أي تدور علي كما تدور الرحى على قطبها.
وقوله: " ينحدر عنه السيل ولا يرتقي إليه الطير " يريد أنها ممتنعة على غيري لا يتمكن منها ولا يصلح له.
وقوله: " فسدلت دونها ثوبا " أي أعرضت عنها ولم أكشف وجوبها لي. و " والكشح " الجنب والخاصرة، فمعنى قوله: " طويت عنها " أي أعرضت عنها، و " الكاشح " الذي يوليك كشحه أي جنبه.
وقوله: " طفقت " أي أقبلت وأخذت. " ارتئي " أي أفكر وأستعمل الرأي وأنضر في " أن أصول بيد جذاء " وهي المقطوعة، وأراد قلة الناصر.
وقوله: " أو أصبر على طخية " فللطخية موضعان أحدهما الظلمة والآخر الغم و