الايمان بالله الذي لا إله إلا هو، أعلى الأعمال درجة وأشرفها منزلة وأسناها حظا، قال: قلت ألا تخبرني عن الايمان، أقول هو وعمل أم قول بلا عمل؟ فقال: الايمان عمل كله والقول بعض ذلك العمل، بفرض من الله بين في كتابه، واضح نوره، (1) ثابتة حجته، يشهد له به الكتاب (2) ويدعوه إليه، قال: قلت: صفه لي جعلت فداك حتى أفهمه، قال: الايمان (3) حالات ودرجات وطبقات ومنازل، فمنه التام المنتهى تمامه ومنه الناقص البين نقصانه ومنه الراجح الزائد رجحانه، قلت: إن الايمان ليتم وينقص ويزيد؟ قال: نعم، قلت: كيف ذلك؟ قال: لان الله تبارك و تعالى فرض الايمان على جوارح ابن آدم وقسمه عليها وفرقه فيها فليس من جوارحه جارحة إلا وقد وكلت من الايمان بغير ما وكلت به أختها، فمنها قلبه الذي به يعقل ويفقه ويفهم وهو أمير بدنه الذي لا ترد الجوارح ولا تصدر إلا عن رأيه وأمره و منها عيناه اللتان يبصر بهما وأذناه اللتان يسمع بهما ويداه اللتان يبطش بهما ورجلاه اللتان يمشي بهما وفرجه الذي الباه من قبله، ولسانه الذي ينطق به ورأسه الذي فيه وجهه، فليس من هذه جارحة إلا وقد وكلت من الايمان بغير ما وكلت به أختها بفرض من الله تبارك اسمه، ينطق به الكتاب لها ويشهد به عليها.
ففرض على القلب غير ما فرض على السمع وفرض على السمع غير ما فرض على العينين وفرض على العينين غير ما فرض على اللسان وفرض على اللسان غير ما فرض على اليدين وفرض على اليدين غير ما فرض على الرجلين وفرض على الرجلين غير ما فرض على الفرج وفرض على الفرج غير ما فرض على الوجه، فأما ما فرض على القلب من الايمان فالاقرار والمعرفة والعقد والرضا و التسليم بأن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إلها واحدا، لم يتخذ صاحبة ولا ولدا وأن محمدا عبده ورسوله (صلوات الله عليه وآله) والاقرار بما جاء من عند الله من نبي أو كتاب، فذلك ما فرض الله على القلب من الاقرار والمعرفة وهو عمله وهو قول الله