وحده وأن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا، ثم بعث الأنبياء (عليهم السلام) على ذلك إلى أن بلغوا محمدا (صلى الله عليه وآله) فدعاهم إلى أن يعبدوا الله ولا يشركوا به شيئا وقال: " شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم إليه، الله يجتبي إليه من يشاء ويهدي إليه من ينيب (1) " فبعث الأنبياء إلى قومهم بشهادة أن لا إله إلا الله والاقرار بما جاء [به] من عند الله فمن آمن مخلصا ومات على ذلك أدخله الله الجنة بذلك وذلك أن الله ليس بظلام للعبيد وذلك أن الله لم يكن يعذب عبدا حتى يغلظ عليه في القتل والمعاصي التي أوجب الله عليه بها النار لمن عمل بها، فلما استجاب لكل نبي من استجاب له من قومه من المؤمنين، جعل لكل نبي منهم شرعة ومنهاجا والشرعة و المنهاج سبيل وسنة وقال الله لمحمد (صلى الله عليه وآله): " إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده (2) " وأمر كل نبي بالأخذ بالسبيل والسنة وكان من السنة و السبيل التي أمر الله عز وجل بها موسى (عليه السلام) أن جعل الله عليهم السبت وكان من أعظم السبت ولم يستحل أن يفعل ذلك من خشية الله، أدخله الله الجنة ومن استخف بحقه واستحل ما حرم الله عليه من عمل الذي نهاه الله عنه فيه، أدخله الله عز وجل النار وذلك حيث استحلوا الحيتان واحتبسوها وأكلوها يوم السبت، غضب الله عليهم من غير أن يكونوا أشركوا بالرحمن ولا شكوا في شئ مما جاء به موسى (عليه السلام)، قال الله عز وجل: " ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين (3) " ثم بعث الله عيسى (عليه السلام) بشهادة أن لا إله إلا الله والاقرار بما جاء به من عند الله وجعل لهم شرعة ومنهاجا فهدمت السبت الذي أمروا به أن يعظموه قبل ذلك وعامة ما كانوا عليه من السبيل والسنة التي جاء بها موسى فمن لم يتبع سبيل عيسى أدخله الله النار وإن كان الذي جاء به النبيون جميعا أن لا يشركوا بالله شيئا، ثم بعث الله محمدا (صلى الله عليه وآله) و هو بمكة عشر سنين فلم يمت بمكة في تلك العشر سنين أحد يشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا (صلى الله عليه وآله) رسول الله إلا أدخله الله الجنة باقراره وهو إيمان التصديق ولم يعذب الله
(٢٩)