عن الزهري، قال: سمعت مولانا زين العابدين عليه السلام يحاسب نفسه، ويناجي ربه: وهو يقول:
يا نفس حتام (1) إلى الحياة سكونك، وإلى الدنيا وعمارتها ركونك، أما اعتبرت بمن مضى من أسلافك، ومن وارته الأرض من ألافك (2) ومن فجعت به من إخوانك، ونقلت إلى دار البلى من أقرانك:
فهم في بطون الأرض بعد ظهورها * محاسنهم فيها بوال دواثر خلت دورهم منهم وأقوت (3) عراصهم * وساقتهم نحو المنايا المقادر وخلو عن الدنيا وما جمعوا لها * وضمتهم تحت التراب الحفائر كم اخترمت (4) أيدي المنون من قرون بعد قرون، وكم غيرت الأرض ببلاها، وغيبت في ثراها ممن عاشرت من صنوف الناس، وشيعتهم إلى الإرماس (5):
وأنت على الدنيا مكب منافر * لخطابها فيها حريص مكاثر على خطر تمسي وتصبح لاهيا * أتدري بماذا لو عقلت تخاطر وإن امرء يسعى لدنياه جاهدا * ويذهل عن أخراه لا شك خاسر فحتام على الدنيا إقبالك، وبشهوتها اشتغالك، وقد وخطك القتير (6) ووافاك النذير، وأنت عما يراد بك ساه (7) وبلذة يومك لاه (8) وفي ذكر هول الموت والقبر والبلى عن اللهو واللذات للمرء زاجر