عدة نسوة، دون عناية بمعرفة أولاد المرضعة وإخوانها، ولا أولاد زوجها - من غيرها - واخوته، ليعرفوا ما يترتب عليهم في ذلك من الأحكام، كحرمة النكاح، وحقوق هذه القرابة الجديدة التي جعلها الشارع كالنسب.
فكثيرا ما يتزوج الرجل أخته، أو عمته، أو خالته من الرضاعة، وهو لا يدري (1).
والواجب الاحتياط في هذا الامر، حتى لا يقع الانسان في المحظور.
حكمة التحريم:
قال في تفسير المنار (2): إن الله تعالى جعل بين الناس ضروبا من الصلة يتراحمون بها، ويتعاونون على دفع المضار وجلب المنافع، وأقوى هذه الصلات صلة القرابة وصلة الصهر، ولكل واحدة من هاتين الصلتين درجات متفاوتة.
فأما صلة القرابة فأقواها ما يكون بين الأولاد والوالدين من العاطفة والأريحية.
فمن اكتنه السر في عطف الأب على ولده يجد في نفسه داعية فطرية تدفعه إلى العناية بتربيته إلى أن يكون رجلا مثله.
فهو ينظر إليه كنظره إلى بعض أعضائه، ويعتمد عليه في مستقبل أيامه، ويجد في نفس الولد شعورا بأن أباه كان منشأ وجوده، وممد حياته وقوام تأديبه، وعنوان شرفه.
وبهذا الشعور يحترم الابن أباه، وبتلك الرحمة والأريحية يعطف الأب على ابنه، وبساعده.
هذا ما قاله الأستاذ الإمام محمد عبده.
ولا يخفى على انسان أن عاطفة الام الوالدية أقوى من عاطفة الأب، ورحمتها أشد من رحمته، وحنانها أرسخ من حنانه، لأنها أرق قلبا، وأدق شعورا. وأن الولد يتكون جنينا من دمها الذي هو قوام حياتها.
ثم يكون طفلا يتغذى من لبنها، فيكون له مع كل مصة من ثديها عاطفة