وجوب الثبات أثناء الزحف يجب الثبات عند لقاء العدو، ويحرم الفرار.
يقول الله سبحانه وتعالى: " يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون (1) ".
ويقول عز من قائل: " يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الادبار - ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير " (2) والآية توجب الثبات وتحرم الفرار إلا في إحدى حالتين، فإنه يجوز فيهما الانصراف عن العدو.
(الحالة الأولى) أن ينحرف للقتال، أي أن ينصرف من جهة إلى جهة أخرى حسب ما يقتضيه الحال، فله أن ينتقل من مكان ضيق إلى مكان أرحب منه، أو من موضع مكشوف إلى موضع آخر يستره، أو من جهة سفلى إلى جهة عليا وهكذا، مما هو أصلح له في ميدان الحرب والقتال.
(الحالة الثانية) أن يتحيز إلى فئة، أي ينحاز إلى جماعة من المسلمين، إما مقاتلا معهم، أو مستنجدا بهم.
وسواء أكانت هذه الفئة قريبة أم بعيدة.
روى سعيد بن منصور: أن عمر رضي الله عنه، قال:
لو أن أبا عبيدة تحيز إلي لكنت له فئة.
وأبو عبيدة كان بالعراق، وعمر كان بالمدينة!
وقال عمر أيضا: " أنا فئة كل مسلم ".
وروى ابن عمر رضي الله عنهما - أنهم أقبلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم - لما خرج من بيته قبل صلاة الفجر، وكانوا قد فروا من عدوهم، فقالوا: " نحن الفرارون " فقال صلى الله عليه وسلم:
" بل أنتم العكارون (3)، أنا فئة كل مسلم ".