قالت عائشة رضي الله عنها:
" ما رأيت صانع طعام مثل صفية، صنعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم طعاما، فبعثت به، فأخذني أفكل (1)، فكسرت الاناء، فقلت:
يا رسول الله. ما كفارة ما صنعت؟ فقال: إناء مثل إناء، وطعام مثل طعام ".
رواه أبو داود.
واختلفوا فيما إذا كان ما استهلك، أو أفسد، مما لا يكال ولا يوزن.
فذهبت الأحناف والشافعية: إلى أن على من استهلكه أو أفسده، ضمان المثل، ولا يعدل عنه إلى القيمة إلا عند عدم المثل لقول الله تعالى:
" فمن اعتدى عليكم، فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم ".
وهذا عام في الأشياء جميعها، ويؤيده حديث عائشة المتقدم.
وذهبت المالكية إلى أنه يضمن القيمة، لا المثل (2) الاعتداء بالجرح أو أخذ المال إذا تعدى إنسان على آخر بالجرح، أو بأخذ المال، فهل للمعتدى عليه، أن يأخذ حقه بنفسه إذا ظفر به؟
للعلماء في هذه المسألة أكثر من رأي، وقد رجح القرطبي الجواز فقال:
" والصحيح جواز ذلك، كيفما توصل إلى أخذ حقه، ما لم يعد سارقا، وهو مذهب الشافعي، وحكاه الداودي عن مالك، وقال به ابن المنذر، واختاره ابن العربي، وأن ذلك ليس خيانة، وإنما هو وصول إلى حق، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أنصر أخاك ظالما أو مظلوما ".
وأخذ الحق من الظالم نصر له.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لهند بنت عتبة امرأة أبي سفيان لما قالت له:
إن أبا سفيان رجل شحيح، لا يعطيني من النفقة ما يكفيني ويكفي بني،