حد السرقة إن الاسلام قد احترم المال، من حيث إنه عصب الحياة، واحترم ملكية الافراد له (1)، وجعل حقهم فيه حقا مقدسا، لا يحل لاحد أن يعتدي عليه بأي وجه من الوجوه، ولهذا حرم الاسلام: السرقة، والغصب، والاختلاس، والخيانة، والربا، والغش، والتلاعب بالكيل والوزن، والرشوة، واعتبر كل مال أخذ بغير سبب مشروع أكلا للمال بالباطل.
وشدد في السرقة، فقضى بقطع يد السارق التي من شأنها أن تباشر السرقة، وفي ذلك حكمة بينة، إذ أن اليد الخائنة بمثابة عضو مريض يجب بتره ليسلم الجسم، والتضحية بالبعض من أجل الكل مما اتفقت عليه الشرائع والعقول. كما أن في قطع يد السارق عبرة لمن تحدثه نفسه بالسطو على أموال الناس، فلا يجرؤ أن يمد يده إليها، وبهذا الأموال وتصان. يقول الله تعالى:
" والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا، نكالا من الله، والله عزيز حكيم ". (2) حكمة التشديد في العقوبة:
والحكمة في تشديد العقوبة في السرقة دون غيرها من جرائم الاعتداء على الأموال هي ما جاء في شرح مسلم للنووي: قال القاضي عياض رضي الله عنه: " صان الله الأموال بإيجاب القطع على السارق، ولم يجعل ذلك في غير السرقة، كالاختلاس، والانتهاب، والغصب، لان ذلك قليل بالنسبة إلى السرقة، ولأنه يمكن استرجاع هذا النوع بالاستدعاء إلى ولاة الأمور، وتسهل إقامة البينة عليه، بخلاف السرقة، فإنها تندر إقامة البينة عليها (3) فعظم أمرها، واشتدت عقوبتها، ليكون أبلغ في الزجر عنها ".