فقالت عائشة رضيا لله عنها: أما لك في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة؟.
فقالت: إن امرأة أن حذيفة قالت: يا رسول الله صلى ان سالما يدخل علي وهو رجل، وفي نفس أبي حذيفة منه شئ. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أرضعيه حتى يدخل عليك ".
والمختار من هذين القولين ما حققه ابن القيم. قال: إن حديث سهلة ليس بمنسوخ ولا مخصوص ولا عام في حق كل واحد، وإنما هو رخصة للحاجة، لمن لا يستغنى عن دخوله على المرأة، ويشق احتجابها عنه، كحال سالم مع امرأة أبي حذيفة.
فمثل هذا الكبير إذا أرضعته للحاجة أثر رضاعه، وأما من عداه فلا يؤثر إلا رضاع الصغير، وهذا مسلك شيخ الاسلام ابن تيمية رحمة الله عليه، والأحاديث النافية للرضاع في الكبير: [إما مطلقة فتفيد بحديث سهلة، أو عامة في كل الأحوال فتخصص هذه الحال من عمومها.
وهذا أولى من النسخ، ودعوى التخصيص لشخص بعينه، وأقرب إلى العمل بجميع الأحاديث من الجانبين وقواعد الشرع تشهد له. انتهى.
الشهادة على الرضاع:
شهادة المرأة الواحدة مقبولة في الرضاع - إذا كانت مرضية - لما رواه عقبة بن الحارث أنه تزوج أم يحيى بنت أبي إهاب فجاءت أمة سوداء فقالت:
" قد أرضعتكما "، قال: فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم.
قال فتنحيت فذكرت ذلك له، فقال: " وكيف وقد زعمت أنها أرضعتكما؟ " فنهاه عنها.
احتج بهذا الحديث: طاووس، والزهري، وابن أبي ذئب، والأوزاعي، ورواية عن أحمد، على أن شهادة المرأة الواحدة مقبولة في الرضاع.
وذهب الجمهور إلى أنه لا يكفي في ذلك شهادة المرضعة، لأنها شهادة على فعل نفسها.
وقد أخرج أبو عبيد عن عمر، والمغيرة بن شعبة، وعلي بن أبي طالب، وابن عباس انهم امتنعوا من التفرقة بين الزوجين بذلك.