وإذا أخذوا البذر من حنطة أخرى وزرعوه في تلك الأرض نفسها يكون أنمى وأزكى.
كذلك النساء حرث - كالأرض - يزرع فيهن الولد. وطوائف الناس كأنواع البذار وأصنافه.
فينبغي أن يتزوج أفراد كل عشيرة من أخرى ليزكو الولد وينجب.
فان الولد يرث من مزاج أبويه ومادة أجسادهما، ويرث من أخلاقهما وصفاتهما الروحية وبياينهما في شئ من ذلك.
فالتوارث والتباين سنتان من سنن الخليقة، ينبغي أن تأخذ كل واحدة منهما حظها لأجل أن ترتقي السلائل البشرية ويتقارب الناس بعضهم من بعض، ويستمد بعضهم القوة والاستعداد من بعض، والتزوج من الأقربين ينافي ذلك.
فثبت بما تقدم كله أنه ضار بدنا ونفسا، مناف للفطرة، مخل بالروابط الاجتماعية، عائق لارتقاء البشر.
وقد ذكر " الغزالي " في الاحياء: أن الخصال التي تطلب مراعاتها في المرأة، ألا تكون من القرابة القريبة.
قال: فان الوليد يخلق ضاويا (1).
وأورد في ذلك حديث لا يصح.
ولكن روى إبراهيم الحربي في غريب الحديث أن عمر قال لآل السائب:
" اغتربوا لا تضووا " أي تزوجوا الغرائب لئلا تجئ أولادكم نحافا ضعافا.
وعلل الغزالي ذلك بقوله: " إن الشهوة إنما تنبعث بقوة الاحساس بالنظر أو اللمس وإنما يقوي الاحساس بالامر الغريب الجديد.
فأما المعهود الذي دام النظر إليه، فإنه يضعف الحس عن تمام ادراكه والتأثر به، ولا ينبعث به الشهوة ".
قال: وتعليله لا ينطبق على كل صورة، والعمدة ما قلنا.
حكمة التحريم بالرضاع:
وأما حكمة التحريم بالرضاعة، فمن رحمته تعالى بنا أن وسع لنا دائرة