الخمر التدرج في تحريمها:
وقد كان الناس يشربون الخمر حتى هاجر الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة، فكثر سؤال المسلمين عنها وعن لعب الميسر، لما كانوا يرونه من شرورهما ومفاسدهما، فأنزل الله عز وجل:
" يسألونك عن الخمر والميسر، قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما (1) ".
أي أن في تعاطيهما ذنبا كبيرا، لما فيهما من الاضرار والمفاسد المادية والدينية. وأن فيهما كذلك منافع للناس. وهذه المنافع مادية. وهي الربح بالاتجار في الخمر، وكسب المال دون عناء في الميسر.
ومع ذلك فإن الاثم أرجح من المنافع فيهما، وفي هذا ترجيح لجانب التحريم، وليس تحريما قاطعا. ثم نزل بعد ذلك التحريم أثناء الصلاة تدرجا مع الناس الذين ألفوها وعدوها جزءا من حياتهم: قال الله سبحانه:
" يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون... " (2) وكان سبب نزول هذه الآية أن رجلا صلى وهو سكران فقرأ:
" قل يا أيها الكافرون. أعبد ما تعبدون " إلى آخر السورة - بدون ذكر النفي - وكان ذلك تمهيدا لتحريمها نهائيا، ثم نزل حكم الله بتحريمها نهائيا.
قال الله تعالى:
" يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان، فاجتنبوه لعلكم تفلحون، إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر، ويصدكم