من تؤخذ منهم:
وتؤخذ الجزية من كل الأمم، سواء أكانوا كتابيين أم مجوسا أم غيرهم، وسواء أكانوا عربا أم عجما (1) وقد ثبت بالقرآن الكريم أنها تؤخذ من الكتابيين كما ثبت بالسنة أنها تؤخذ من المجوس، ومن عداهم يلحق بهم.
قال ابن القيم: " لان المجوس أهل شرك لا كتاب لهم. فأخذها منهم دليل على أخذها من جميع المشركين، وإنما لم يأخذها صلى الله عليه وسلم من عبدة الأوثان من العرب، لأنهم أسلموا كلهم قبل نزول آية الجزية، فإنها إنما نزلت بعد غزوة تبوك، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد فرغ من قتال العرب، واستوثقت كلها له بالاسلام.
ولهذا لم يأخذها من اليهود الذين حاربوه، لأنها لم تكن نزلت بعد، فلما نزلت أخذها من نصارى العرب، ومن المجوس، ولو بقي حينئذ أحد من عبدة الأوثان بذلها لقبلها منه، كما قبلها من عبدة الصلبان والأوثان والنيران.
ولافرق ولا تأثير لتغليظ كفر بعض الطوائف على بعض، ثم إن كفر عبدة الأوثان ليس أغلظ من كفر المجوس، وأي فرق بين عبدة الأوثان والنيران، بل كفر المجوس أغلظ، وعباد الأوثان كانوا يقرون بتوحيد الربوبية، وأنه لا خالق إلا الله، وأنهم إنما يعبدون آلهتهم لتقربهم إلى الله سبحانه وتعالى. ولم يكونوا يقرون بصانعين للعالم، أحدهما خالق للخير.
والآخر للشر، كما تقول المجوس، ولم يكونوا يستحلون نكاح الأمهات والبنات والأخوات. وكانوا على بقايا من دين إبراهيم صلوات الله وسلامه عليه، وأما المجوس فلم يكونوا على كتاب أصلا، ولا دانوا بدين أحد من الأنبياء، لا في عقائدهم، ولا في شرائعهم.
والأثر الذي فيه أنه كان لهم كتاب فرفع ورفعت شريعتهم لما وقع