وأما التي تجب على القاتل في ماله، فإنها تكون حالة عند الشافعي رضي الله عنه، لان التأجيل للتخفيف عن العاقلة، فلا يلتحق به العمد المحض.
ويرى الأحناف أنها مؤجلة في ثلاث سنين، مثل دية قتل الخطأ.
وإيجاب دية قتل شبه العمد، والخطأ على العاقلة استثناء من القاعدة العامة في الاسلام. وهي:
أن الانسان مسؤول عن نفسه ومحاسب على تصرفاته، لقول الله عز وجل:
" لا تزر وازرة وزر أخرى ".
ولقول الرسول الكريم: " لا يؤخذ الرجل بجريرة أبيه، ولا بجريرة أخيه ". رواه النسائي عن ابن مسعود رضي الله عنه.
وإنما جعل الاسلام اشتراك العاقلة في تحمل الدية في هذه الحالة، من أجل مواساة الجاني، ومعاونته في جناية صدرت عنه من غير قصد منه.
وكان ذلك إقرارا لنظام عربي، اقتضاه ما كان بين القبائل من التعاون والتآزر والتناصر.
وفي ذلك حكمة بينة، وهي أن القبيلة إذا علمت أنها ستشارك في تحمل الدية، فإنها تعمل من جانبها على كف المنتسبين إليها عن ارتكاب الجرائم، وتوجههم إلى السلوك القويم الذي يجنبهم الوقوع في الخطأ.
ويرى جمهور الفقهاء أن العاقلة لا تحمل من دية الخطأ إلا ما جاوز الثلث، وما دون الثلث في مال الجاني (1).
ويرى مالك وأحمد رضي الله عنهما، أنه لا يجب على واحد من العصبة قدر معين من الدية، ويجتهد الحاكم في تحميل كل واحد منهم ما يسهل عليه، ويبدأ بالأقرب فالأقرب.
أما الشافعي رضي الله عنه، فيرى أنه يجب على الغني دينار، وعلى الفقير نصف دينار. والدية عنده مرتبة على القرابة بحسب قربهم، فالأقرب من بني أبيه ثم بني جده، ثم من بني بني أبيه، قال: فإن لم يكن للقاتل عصبة نسبا