على ظلمه لا يغيره، وصح أن فرضا على القاضي أن يغير كل منكر علمه بيده وأن يعطي كل ذي حق حقه، وإلا فهو ظالم.
وأما جمهور الفقهاء فإنهم يرون أنه ليس للقاضي أن يقضي بعلمه. قال أبو بكر رضي الله عنه: " لو رأيت رجلا على حد لم أحده حتى تقوم البينة عندي "، ولان القاضي كغيره من الافراد لا يجوز له أن يتكلم بما شهده ما لم تكن لديه البينة الكاملة.
ولو رمى القاضي زانيا بما شهده منه، وهو لا يملك على ما يقول البينة الكاملة لكان قاذفا يلزمه حد القذف، وإذا كان قد حرم على القاضي النطق بما يعلم، فأولى أن يحرم عليه العمل به، وأصل هذا الرأي قول الله سبحانه:
" فإذا لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون " (1) هل يثبت الحد بالحبل؟:
ذهب الجمهور إلى أن مجرد الحبل لا يثبت به الحد، بل لابد من الاعتراف أو البينة. واستدلوا على هذا بالأحاديث الواردة في درء الحدود بالشبهات.
وعن علي رضي الله عنه أنه قال لامرأة حبلى:
" استكرهت؟ " قالت: لا. قال: " فلعل رجلا أتاك في نومك ".
قالوا: وروى الاثبات عن عمر أنه قبل قول امرأة ادعت أنها ثقيلة النوم وأن رجلا طرقها ولم تدر من هو بعد.
وأما مالك وأصحابه فقالوا: إذا حملت المرأة ولم يعلم لها زوج ولم يعلم أنها أكرهت فإنها تحد:
قالوا: فإن ادعت الاكراه فلابد من الاتيان بأمارة تدل على استكراهها، مثل أن تكون بكرا فتأتي وهي تدمي، أو تفضح نفسها بأثر الاستكراه.
وكذلك إذا ادعت الزوجية، فإن دعواها لاتقبل إلا أن تقيم على ذلك البينة