ولاتحد هي. لما رواه أحمد وأبو داود عن سهل بن سعد: " أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إنه قد زنا بامرأة سماها، فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى المرأة فدعاها، فسألها فأنكرت، فحده وتركها ".
وهذا الحد هو حد الزنا الذي أقر به، لاحد قذف المرأة كما ذهب إليه مالك والشافعي.
وقال الأوزاعي وأبو حنيفة: يحد للقذف فقط، لان إنكارها شبهة، واعترض على هذا الرأي بأن إنكارها لا يبطل إقراره.
وذهبت الهادوية، ومحمد، ويروى عن الشافعي، أنه يحد للزنا والقذف، لما رواه أبو داود والنسائي عن ابن عباس: " أن رجلا من بكر بن ليث أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأقر أنه زنا بامرأة أربع مرات، فجلده مائة - وكان بكرا - ثم سأله البينة على المرأة. فقالت: كذب يا رسول الله، فجلده حد الفرية ثمانين (1) ".
ثبوته بالشهود:
الاتهام بالزنا سئ الأثر في سقوط الرجل والمرأة، وضياع كرامتهما، وإلحاق العار بهما وبأسرتيهما وذريتهما. ولهذا شدد الاسلام في إثبات هذه الجريمة حتى يسد السبيل على الذين يتهمون الأبرياء - جزافا أو لأدنى حزازة - بعار الدهر وفضيحة الأبد، فاشترط في الشهادة على الزنا الشروط الآتية:
(أولا) أن يكون الشهود أربعة - بخلاف الشهادة على سائر الحقوق - قال الله تعالى:
" واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم.
فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حي يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا " (2) ولقوله:
" والذين يرمون المحصنات، ثم لم يأتوا بأربعة شهداء " (3) فإن كانوا أقل من أربعة لم تقبل.