وأنكح المقداد ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب.
قال: وأما قولنا في الفاسق والفاسقة فيلزم من خالفنا ألا يجيز للفاسق أن ينكح إلا فاسقة، وأن لا يجيز للفاسقة أن ينكحها إلا فاسق، وهذا لا يقوله أحد، وقد قال الله تعالى: " إنما المؤمنون إخوة " (1) وقال سبحانه: " والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض (2) ".
اعتبار الكفاءة بالاستقامة والخلق:
وذهب جماعة إلى أن الكفاءة معتبرة، ولكن اعتبارها بالاستقامة والخلق خاصة، فلا اعتبار لنسب، ولا لصناعة، ولا لغنى، ولا لشئ آخر، فيجوز للرجل الصالح الذي لا نسب له أن يتزوج المرأة النسيبة، ولصاحب الحرفة الدنيئة أن يتزوج المرأة الرفيعة القدر، ولمن لا جاه له أن يتزوج صاحبة الجاه والشهرة، وللفقير أن يتزوج المثرية الغنية - ما دام مسلما عفيفا - وأنه ليس لأحد من الأولياء الاعتراض، ولا طلب التفريق. وإن كان غير مستوفي الدرجة مع الولي الذي تولى العقد ما دام الزواج كان عن رضى منها، فإذا لم يتوفر شرط الاستقامة عند الرجل فلا يكون كفئا للمرأة الصالحة، ولها الحق في طلب فسخ العقد إذا كانت بكرا وأجبرها أبوها على الزواج من الفاسق.
وفي بداية المجتهد: ولم يختلف المذهب - المالكية - أن البكر إذا زوجها الأب من شارب الخمر، وبالجملة من فاسق، أن لها أن تمنع نفسها من النكاح، وينظر الحاكم في ذلك، فيفرق بينهما، وكذلك إذا زوجها ممن ماله حرام، أو ممن هو كثير الحلف بالطلاق، واستدل أصحاب هذا المذهب بما يأتي:
1 - ان الله تعالى قال: " يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى، وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله أتقاكم (3) ". ففي هذه الآية تقرير أن الناس متساوون في الخلق، وفي القيمة الانسانية، وأنه لا أحد أكرم من أحد إلا من حيث تقوى الله عز وجل، بأداء حق الله وحق الناس.