(رابعا) الحرفة: إذا كانت المرأة من أسرة تمارس حرفة شريفة، فلا يكون صاحب الحرفة الدنيئة كفئا لها، وإذا تقاربت الحرف فلا اعتبار للتفاوت فيها.
والمعتبر في شرف الحرب ودنائتها العرف، فقد تكون حرفة ما شريفة في مكان ما، أو زمان ما، بينما هي دنيئة في مكان ما، أو زمان ما.
وقد استدل القائلون باعتبار الكفاءة بالحرفة بالحديث المتقدم: " العرب بعضهم أكفاء لبعض، إلى: حائكا أو حجاما ".
وقد قيل لأحمد بن حنبل رحمه الله: وكيف تأخذ به وأنت تضعفه؟
قال: العمل على هذا.
قال في المغني: يعني أنه ورد موافقا لأهل العرف. ولان أصحاب الصنائع الجليلة والحرف الشريفة يعتبرون تزويج بناتهم لأصحاب الصنائع الدنيئة - كالحائك، والدباغ، والكناس، والزبال - نقصا يلحقهم، وقد جرى عرف الناس بالتعيير بذلك، فأشبه النقص في النسب. وهذا مذهب الشافعية، ومحمد وأبي يوسف من الحنفية. ورواية عن أحمد وأبي حنيفة.
ورواية عن أبي يوسف أنها لا تعتبر إلا أن تفحش.
(خامسا) المال: وللشافعية اختلاف في اعتباره، فمنهم من قال باعتباره، فالفقير عند هؤلاء ليس بكفء للموسرة لما روى سمرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " الحسب المال، والكرم التقوى ".
قالوا: ولان نفقة الفقير دون نفقة الموسر. ومنهم من قال: لا يعتبر، لان المال غاد ورائح، ولأنه لا يفتخر به ذوو المروءات، وأنشدوا قول الشاعر:
غنينا (1) زمانا بالتصعلك والفقر وكلا سقاناه بكأسيهما الدهر فما زادنا بغيا على ذي قرابة غنانا، ولا أزرى بأحسابنا الفقر