(وعلوت فوق كل شيء بإرتفاعك) قدرا ورتبة ووجودا وعلة لا مكانا لأنه تعالى ليس بمكاني وفي ذكر الفوق فائدة: وهو أنه تعالى فوق كل شيء; بيان ذلك أن فوق كل شيء أعلاه ومنتهاه كالسطح للبيت فلو حذف لفهم أنه علا وصعد كل شيء ولا يستلزم ذلك البلوغ فوقه والعلو عليه بخلاف ما إذا ذكر كما يظهر ذلك بالتأمل في قولك: علوت سطح البيت وعلوت البيت.
(وغلبت كل شيء بقدرتك) هذا قريب من قوله: «وقهرت كل شيء بعزتك» وتخصيص القهر بالإيجاد والإبقاء والغلبة بالإعدام والإفناء بعيد والتأكيد محتمل ومثله في الأدعية كثير (وإبتدعت كل شيء بحكمتك وعلمك) الابتداع الاختراع وهو الإيجاد بلا مادة ولا مدة ولا مثال ولا تعليم ولا تعلم والعلم أعم من الحكمة لأن إدراك الشيء علم به وإذا إعتبر معه إدراك إتقانه وأحكامه ومصالحه وحسن عاقبته وغير ذلك مما اعتبر به تمامه وكماله فهو حكمة، ومن ثم قيل: الحكمة عبارة عن معرفة أفضل العلوم والحكيم من يحكم الأشياء ويتقنها وقيل: من يحسن دقائق الصناعات ويتقنها.
* الأصل:
17 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمار قال: قال: [لي] أبو عبد الله (عليه السلام) إبتداء منه يا معاوية: أما علمت أن رجلا أتى أمير المؤمنين صلوات الله عليه فشكى الإبطاء عليه في الجواب في دعائه فقال له: فأين أنت عن الدعاء السريع الإجابة؟
فقال له الرجل: ما هو؟ قال: قل: «اللهم إني أسألك باسمك العظيم الأعظم الأجل الأكرم المخزون المكنون النور الحق البرهان المبين الذي هو نور مع نور ونور من نور ونور في نور ونور على نور ونور فوق كل نور ونور يضيىء به كل ظلمة ويكسر به كل شدة وكل شيطان مريد وكل جبار عنيد، ولا تقر به أرض ولا تقوم به سماء ويأمن به كل خائف ويبطل به سحر كل ساحر وبغي كل باغ وحسد كل حاسد، ويتصدع لعظمته البر والبحر ويستقل به الفلك حين يتكلم به الملك فلا يكون للموج عليه سبيل وهو اسمك الأعظم الأعظم الأجل الأجل النور الأكبر الذي سميت به نفسك وإستويت به على عرشك، وأتوجه إليك بمحمد وأهل بيته أسألك بك وبهم أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تفعل بي كذا وكذا».
* الشرح:
قوله: (قل اللهم أني أسألك باسمك العظيم الأعظم الأجل الأكرم المكنون المخزون) وصفه بالعظيم نظرا إلى ذاته وبالتفضيل نظرا إلى غيره وتلك العظمة والزيادة لا يعلم حدهما ولا قدرهما إلا الله. ثم الاسم الأعظم كثير واحد منه لا يعلمه إلا هو والبواقي يعلمها الأنبياء على التفصيل