المذكور في كتاب التوحيد، ثم الظاهر أن المراد منه هنا هو الأول بقرينة وصفه بالمخزون المكنون إذ المتبادر منه أنه المخزون عند الله المستور عن الخلق كلهم، ويمكن أن يراد به الثاني أو الأعم ويراد بالمخزون المخزون عند أهله وبالمكنون المستور عن غير أهله. (النور الحق البرهان المبين) وصفه بثلاثة أوصاف: الأول أنه نور لأنه مظهر لآثار غريبة وأفعال عجيبة وظهور تلك الآثار والأفعال به كظهور المبصرات بالشمس.
الثاني أنه حق ثابت في الواقع ليس بمجرد الاعتبار والوهم والخيال وبالجملة ليس تأثيره كتأثير بعض المؤثرات الوهمية والخيالية، الثالث أنه البرهان المبين أي الحجة الظاهرة لأهله فيما أراد واريد إذا تمسك به ألا ترى أن آصف سليمان كيف حقق دعواه به والأنبياء كيف أظهروا المعجزات بالتوسل به أقل من طرفة عين. (الذي هو نور مع نور ونور من نور ونور في نور ونور على نور ونور فوق كل نور) النور معروف وقد مر، وكثيرا ما يطلق على ما يبين الأشياء وعلى ما يتسبب للخير وعلى ما يتوسل به إلى المطالب الحقة ومن ثم يطلق على الله تعالى في لسان الشرع وألسنة الحكماء حتى قيل انه نور الأنوار لأنه يصدر منه الأنوار كلها، وعلى الاسم الأعظم وعلى غيره من أسمائه تعالى وعلى ما هي مباديه من الخيرات وعلى نبينا والأئمة الطاهرين (عليهم السلام) وعلى القرآن الكريم. إذا عرفت هذا فنقول لعل المراد منه في قوله: «مع نور» نبينا والأئمة الطاهرين (عليهم السلام) وفي قوله: «من نور» الله جل شأنه ومن ابتدائية لأنه نشأ منه وفي قوله «في نور» القرآن الكريم، وفي قوله:
«على نور» الآثار والخيرات والمطالب الحاصلة بالتوسل به والمبالغة في نوريته محتملة، وفي قوله «فوق كل نور» سائر الأسماء الحسنى هذا ما خطر بالبال والله أعلم بحقيقة الحال.
(ونور يضييء به كل ظلمة - اه) هي معروفة ويمكن أن يراد بها الجور أو الفتنة أو الشرور أو الشبهة على سبيل الحقيقة أو التشبيه والاستعارة والإضاءة ترشيح، ومريد بمعنى مارد وهو العاتي المتمرد الشديد وعتيد بمعنى عاتد وهو المايل عن طريق الحق المخالف الراد له مع العلم والمعرفة به وفعله كنصر وسمع وكرم.
(وتقر به أرض ولا تقوم به سماء) القرار الثبات والسكون يقال قر بالمكان يقر به بالفتح والكسر قرارا إذا ثبت وسكن، والظاهر أن «به» متعلق بالفعل المذكور وأن الباء للسببية أو بمعنى مع وأنه يفهم منه بحسب المقام أن عدم قرار الأرض وعدم قيام السماء عند الدعاء به على زوالهما من غير حاجة إلى تقديره، وقال بعض أفاضل المتأخرين: «به» متعلق بفعل مقدر لا بالمذكور تقديره لا تقر أرض ولا تقوم سماء إذا دعى به عليهما، ولا يخفى بعده لأن حذف الشرط وإرادته وإبقاء جزء منه غير معروف والله يعلم.