حاشية رد المحتار - ابن عابدين - ج ٦ - الصفحة ٦٠٥
اللبة واللحيين ولأنه مجمع العروق يحصل بالفعل فيه أنهار الدم على أبلغ الوجوه، فكان حكم لكل سواء اه‍. وعبارة المبسوط: الذبح ما بين اللبة واللحيين كالحديث.
قال في النهاية: وبينهما اختلاف من حيث الظاهر، لان رواية المبسوط تقتضي الحل فيما إذا وقع الذبح قبل العقدة لأنه اللبة واللحيين، ورواية الجامع تقتضي عدمه، لأنه إذا وقع قبلها لم يكن الحلق محل الذبح فكانت رواية الجامع مقيدة لاطلاق رواية المبسوط. وقد صرح في الذخيرة بأن الذبح إذا وقع أعلى من الحلقوم لا يحل، لان الذبح هو الحلقوم، لكن رواية الامام الرستغفني (1) تخالف هذه، حيث قال: هذا قول العام وليس بمعتبر، فتحل سواء بقيت العقدة مما يلي الرأس أو الصدر، لان المعتبر عندنا قطع أكثر الأوداج وقد وجد، وكان شيخي يفتي بهذه الرواية ويقول: الرستغفني إمام معتمد في القول والعمل، ولو أخذنا يوم القيامة للعمل بروايته نأخذه كما أخذنا اه‍. ما في النهاية ملخصا. وذكر في العناية أن الحديث دليل ظاهر لهذه الرواية ورواية المبسوط تساعدها، وما في الذخيرة مخالف لظاهر الحديث اه‍.
أقول: بل رواية الجامع تساعد رواية الرستغفني أيضا، ولا تخالف رواية المبسوط بناء على ما مر عن القهستاني من إطلاق الحلق على العنق، وقد شنع الإتقاني في غاية البيان على من خالف تلك الرواية غاية التشنيع، وقال: ألا ترى قول محمد في الجامع أو أعلاه: فإذا ذبح في الأعلى لابد ان تبقى العقدة تحت، ولم يلتفت إلى العقدة في كلام الله تعالى ولا كلام رسوله (ص)، بل الذكاة بين اللبة واللحيين بالحديث، وقد حصلت لا سيما على قول الإمام من الاكتفاء بثلاث من الأربع أيا كانت.
ويجوز ترك الحلقوم أصلا، فبالأولى إذا قطع من أعلا، وبقيت العقدة أسفل اه‍. ومثله في المنح عن البزازية، وبه جزم صاحب الدرر والملتقى والعيني وغيرهم، لكن جزم في النقاية والمواهب والاصلاح بأنه لا بد أن تكون العقدة مما يلي الرأس، وإليه مال الزيلعي، وقال: ما قاله الرستغفني مشكل، فإنه لم يوجد فيه قطع الحلقوم ولا المرئ، وأصحابنا وإن اشترطوا قطع الأكثر فلا بد من قطع أحدهما عند الكل، وإذا لم يبق شئ من العقدة مما يلي الرأس لم يحصل قطع واحد منهما فلا يؤكل بالاجماع إلخ. ورده محشيه الشلبي والحموي. وقال المقدسي: قوله لم يحصل قطع واحد منهما ممنوع بل خلاف الواقع، لان المراد بقطعهما فصلهما عن الرأس أو عن الاتصال باللبة اه‍. وقال الرملي: لا يلزم منه عدم قطع المرئ إذ يمكن أن يقطع الحرقد كزبرج وهو أصل اللسان وينزل على المرئ فيقطعه فيحصل قطع الثلاثة اه‍.
أقول: والتحرير للمقام أن يقال: إن كان بالذبح فوق العقدة حصل قطع ثلاثة من العروق.
فالحق ما قاله شراح الهداية تبعا للرسغفني، وإلا فالحق خلافه، إذ لم يوجد شرط الحل باتفاق أهل المذهب، ويظهر ذلك بالمشاهدة أو سؤال أهل الخبرة، فاغتنم هذا المقال ودع عنك الجدال. قوله: (على الصحيح) لأنه المذكور في أكثر كتب اللغة والطب.

(1) قوله: (الرستغفني) هو علي بن سعيد أبو الحسن، من رستغفن بضم الراء وسكون السين المهملتين وضم التاء ثالث الحروف وسكون الغين المعجمة وبالنون بعد الفاء: إحدى قرى سمرقند، كذا في طبقات عبد القادر ا ه‍ مؤلفه.
(٦٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 600 601 602 603 604 605 606 607 608 609 610 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الشهادات 3
2 باب القبول وعدمه 15
3 باب الاختلاف في الشهادة 37
4 باب الشهادة على الشهادة 44
5 باب الرجوع عن الشهادة 50
6 كتاب الوكالة 56
7 باب الوكالة بالبيع والشراء 63
8 باب الوكالة بالخصومة والقبض 78
9 باب عزل الوكيل 86
10 كتاب الدعوى 92
11 باب التحالف 111
12 باب دعوى الرجلين 123
13 باب دعوى النسب 135
14 كتاب الاقرار 144
15 باب الاستثناء وما معناه 162
16 باب إقرار المريض 167
17 فصل في مسائل شتى 179
18 كتاب الصلح 188
19 كتاب المضاربة 208
20 باب المضارب يضارب 215
21 كتاب الايداع 227
22 كتاب العارية 243
23 كتاب الهبة 255
24 باب الرجوع في الهبة 268
25 كتاب الإجارة 283
26 باب ما يجوز من الإجارة وما يكون خلافا فيها أي في الإجارة 309
27 باب الإجارة الفاسدة 328
28 باب ضمان الأجير 348
29 باب فسخ الإجارة 362
30 مسائل شتى 375
31 كتاب المكاتب 386
32 باب ما يجوز للمكاتب أن يفعله 391
33 باب كتاب العبد المشترك 400
34 باب موت المكاتب وعجزه وموت المولى 402
35 كتاب الولاء 410
36 كتاب الاكراه 420
37 كتاب الحجر 436
38 كتاب المأذون 450
39 كتاب الغصب 475
40 كتاب الغصب 475
41 كتاب الشفعة 518
42 باب طلب الشفعة 526
43 باب ما تثبت هي فيه أو لا تثبت 540
44 باب ما يبطلها 544
45 كتاب القسمة 559
46 كتاب المزارعة 582
47 كتاب الذبائح 604
48 كتاب الأضحية 624
49 كتاب الحظر والإباحة 651
50 باب الاستبراء وغيره 691
51 كتاب إحياء الموات 754