اللبة واللحيين ولأنه مجمع العروق يحصل بالفعل فيه أنهار الدم على أبلغ الوجوه، فكان حكم لكل سواء اه. وعبارة المبسوط: الذبح ما بين اللبة واللحيين كالحديث.
قال في النهاية: وبينهما اختلاف من حيث الظاهر، لان رواية المبسوط تقتضي الحل فيما إذا وقع الذبح قبل العقدة لأنه اللبة واللحيين، ورواية الجامع تقتضي عدمه، لأنه إذا وقع قبلها لم يكن الحلق محل الذبح فكانت رواية الجامع مقيدة لاطلاق رواية المبسوط. وقد صرح في الذخيرة بأن الذبح إذا وقع أعلى من الحلقوم لا يحل، لان الذبح هو الحلقوم، لكن رواية الامام الرستغفني (1) تخالف هذه، حيث قال: هذا قول العام وليس بمعتبر، فتحل سواء بقيت العقدة مما يلي الرأس أو الصدر، لان المعتبر عندنا قطع أكثر الأوداج وقد وجد، وكان شيخي يفتي بهذه الرواية ويقول: الرستغفني إمام معتمد في القول والعمل، ولو أخذنا يوم القيامة للعمل بروايته نأخذه كما أخذنا اه. ما في النهاية ملخصا. وذكر في العناية أن الحديث دليل ظاهر لهذه الرواية ورواية المبسوط تساعدها، وما في الذخيرة مخالف لظاهر الحديث اه.
أقول: بل رواية الجامع تساعد رواية الرستغفني أيضا، ولا تخالف رواية المبسوط بناء على ما مر عن القهستاني من إطلاق الحلق على العنق، وقد شنع الإتقاني في غاية البيان على من خالف تلك الرواية غاية التشنيع، وقال: ألا ترى قول محمد في الجامع أو أعلاه: فإذا ذبح في الأعلى لابد ان تبقى العقدة تحت، ولم يلتفت إلى العقدة في كلام الله تعالى ولا كلام رسوله (ص)، بل الذكاة بين اللبة واللحيين بالحديث، وقد حصلت لا سيما على قول الإمام من الاكتفاء بثلاث من الأربع أيا كانت.
ويجوز ترك الحلقوم أصلا، فبالأولى إذا قطع من أعلا، وبقيت العقدة أسفل اه. ومثله في المنح عن البزازية، وبه جزم صاحب الدرر والملتقى والعيني وغيرهم، لكن جزم في النقاية والمواهب والاصلاح بأنه لا بد أن تكون العقدة مما يلي الرأس، وإليه مال الزيلعي، وقال: ما قاله الرستغفني مشكل، فإنه لم يوجد فيه قطع الحلقوم ولا المرئ، وأصحابنا وإن اشترطوا قطع الأكثر فلا بد من قطع أحدهما عند الكل، وإذا لم يبق شئ من العقدة مما يلي الرأس لم يحصل قطع واحد منهما فلا يؤكل بالاجماع إلخ. ورده محشيه الشلبي والحموي. وقال المقدسي: قوله لم يحصل قطع واحد منهما ممنوع بل خلاف الواقع، لان المراد بقطعهما فصلهما عن الرأس أو عن الاتصال باللبة اه. وقال الرملي: لا يلزم منه عدم قطع المرئ إذ يمكن أن يقطع الحرقد كزبرج وهو أصل اللسان وينزل على المرئ فيقطعه فيحصل قطع الثلاثة اه.
أقول: والتحرير للمقام أن يقال: إن كان بالذبح فوق العقدة حصل قطع ثلاثة من العروق.
فالحق ما قاله شراح الهداية تبعا للرسغفني، وإلا فالحق خلافه، إذ لم يوجد شرط الحل باتفاق أهل المذهب، ويظهر ذلك بالمشاهدة أو سؤال أهل الخبرة، فاغتنم هذا المقال ودع عنك الجدال. قوله: (على الصحيح) لأنه المذكور في أكثر كتب اللغة والطب.