الاستعمال بالفم اعتبر الاتقاء به دون اليد، ولذا لو حمل الركاب بيده من موضع الفضة لا يحرم، فليس المدار على الفم، إذ لا معنى لقولنا متقيا في السرج والكرسي موضع الفم، فافهم. ولا يخفى أن الكلام في المفضض وإلا فالذي كله فضة يحرم استعماله بأي وجه كان كما قدمناه ولو بلا مس بالجسد، ولذا حرم إيقاد العود في مجمرة الفضة كما صرح به في الخلاصة، ومثله بالأولى ظرف فنجان القهوة والساعة وقدرة التنباك التي يوضع فيها الماء، وإن كان لا يمسها بيده ولا بغمه، لأنه استعمال فيما صنعت له، بخلاف القصب الذي يلف على طرف قصبة التتن فإنه تزويق فهو من المفضض فيعتبر اتقاؤه باليد الولوالجية الفم، ولا يشبه ذلك ما يكون كله فضة كما هو صريح كلامهم وهو ظاهر. وقال ط:
وقد تجرأ جماعة على الشرع فقالوا بإباحة استعمال نحو الظرف زاعمين أنه اتقاء بفمه ومس اليد لا بأس به، هذا جهل عظيم، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، فإن الخوان وإناء الطعام لا يمسهما بيده وقد حرما، ومن الجرأة قول أبي السعود عن شيخه.
واعلم أنه ينبغي على ما هو الراجح من عدم اشتراط اتقاء موضع الآخذ حل شرب القهوة من الفنجان في تبس الفضة اه.
فإن المقام مختلف فليتدبر حق التدبر اه. أقول: وكذا رده السائحاني بقوله: فرق كبير بين الاناء الفضة المستعمل لدفع حرارة الفنجان وبين الفضة المرصعة للتزويق اه. والمراد بالتبس ظرف الفنجان، ولم أره فيما عندي من كتب اللغة، ثم قال ط: وانظر ما لو كان الاناء لا يوضع على الفم بأن لا يستعمل إلا باليد كالمحبرة المضبية، هل يتقي وضع اليد عليها، وحرره ومقتضى ما ذكروه في السيف من اشتراط اتقاء محل اليد من الذهب والفضة أن لا يضع يده على ضبة القصبة في المحبرة ونحوها اه.
أقول: هو نظير ما قدمناه في قصبة التتن. قوله: (وكذا الاناء المضبب) أي الحكم فيه كالحكم في المفضض، يقال باب مضبب: أي مشدود بالضباب، وهي الحديدة العريضة التي يضبب بها وضبب أسنانه بالفضة إذا شدها بها. مغرب. قوله: (وحلية مرآة) الذي في المنح والهداية وغيرهما: حلقة بالقاف. قال في الكفاية: والمراد بها التي تكون حوالي المرآة لا ما تأخذ المرأة بيدها فإنه مكروه اتفاقا اه.
قوله: (ولم يضع يده) لا يشمل الركاب، فالأولى أن يزيد ورجله. قوله: (وكذا كتابة الثوب إلخ) سيأتي أن المنسوج بذهب يحل إن كان مقدار أربع أصابع. تأمل. قوله: (وعن الثاني) ظاهره أن عنه رواية أخرى، وبه صرح في البزازية، وذكر أن الكراهة قول محمد، وهو عكس ما رأيته في عدة مواضع، وعبارة المنح كالهداية وغيرها. وقال أبو يوسف: يكره ذلك، وقول محمد يروي مع أبي حنيفة ويروي مع أبي يوسف. قوله: (يكره الكل) أي كما مر من المفضض والمضبب في جميع المسائل المارة، لان الاخبار مطلقة، ولان ن استعمل إناء كان مستعملا لكل جزء منه، ولأبي حنيفة ما روي عن أنس رضي الله تعالى عنه أن قدح النبي (ص) انكسر، فاتخذ مكان الشعب سلسلة من فضة رواه البخاري ولأحمد عن عاصم الأحول قال: رأيت عند أنس رضي الله عنه قدح النبي (ص) فيه ضبة فضة. وتمامه