(ولا يرتفع الحجر بالرشد الخ) هذا أيضا قول أبي يوسف، خلافا لمحمد كما قدمناه عن الجوهرة مع بيان ثمرة الخلاف. قوله: (ولو ادعى الرشد) يعني بعد ما حجر عليه القاضي ادعى أنه صار رشيدا ليبطل حجره. قوله: (أشباه) استدل فيها على ذلك بما في المحيط عند ذكره دليل أبي يوسف، على أن السفيه لا ينحجر إلا بحجر القاضي من أن الظاهر زوال السفه، لان عقله يمنعه. قال في الأشباه:
وكل بينة شهد لها الظاهر لم تقبل اه.
أقول: الظاهر أن ظهور زوال السفه فيما إذا كان قبل الحكم يدل على سياق كلام المحيط، أما بعد الحكم كما هو موضوع المسألة في الأشباه فقد تأكد وثبت فالأصل بقاؤه، ويدل عليه أن الحجر بعد ثبوته لا يرتفع عند أبي يوسف إلا بالقضاء، فلو كان الأصل زواله لما احتاج إليه. ولذا قال المقدسي في حاشية الأشباه: لم يوجد بعد الحجر من القاضي ما يقتضي خلافه، فالظاهر بقاؤه اه.
وهكذا نقل الحموي عن الشيخ الصالح فينبغي تقديم بينة الزوال، وذكر نحوه العلامة البيري ثم قال:
ورأيت في ذخيرة الناظر الجزم به، ونقله أبو السعود وأقره، وبالجملة لم نر أحدا تابع صاحب الأشباه سوى الشارح، والله أعلم. قوله: (وفي الوهبانية الخ) الشطر الثاني من البيت الأول مغير، وأصله:
فمن يدعي التأخير ليس يؤخر ويحجر في محل جر مضاف إلى قبل. ومعنى البيت الأول: أنه لو قال بعد صلاحه أقررت وأنا محجور بأني استهلكت لك كذا وقال رب المال بل حال صلاحك فالقول للمقر لأنه إضافة إلى حالة معهودة تنافي صحة الاقرار، فيكون في الحقيقة منكرا لا مقرا، وكذا لو قال:
أقررت لي به حال فسادك لكنه حق وقال المقر: لم يكن ذلك حقا فالقول له، ومعنى الثاني لو باع المحجور وأجاز القاضي بيعه لكن نهى المشتري عن دفع الثمن إليه فدفعه وهلك يضمن الثمن للقاضي، لأنه لما نهاه صار حق القبض للقاضي والمجور كالأجنبي، فلو لم ينهه جاز لان في إجازته البيع إجازة لدفع الثمن كالوكيل بالبيع وكيل بالقبض، والله سبحانه وتعالى أعلم.
فصل: بلوع الغلام بالاحتلام الخ بتنوين فصل وبلوغ مبتدأ وما بعده خبر ومعطوف عليه، والجارية مجرور عطفا على الغلام أو مرفوع على تقدير مضاف محذوف، وإنابته منابه، والبلوغ لغة: الوصول، واصطلاحا: انتهاء حد الصغر، ولما كان الصغر أحد أسباب الحجر وكان له نهاية ذكر هذا الفصل لبيانها. والغلام كما قال عياض يطلق على الصبي من حين يولد إلى أن يبلغ، وعلى الرجل باعتبار ما كان. قوله: (بالاحتلام) قال في المعدن: الاحتلام جعل اسما لما يراه النائم من الجماع، فيحدث معه إنزال المني غالبا، فغلب لفظ الاحتلام في هذا دون غيره من أنواع المنام لكثرة الاستعمال اه ط. قوله: (والانزال) بأي سبب كان.