مغلوبا للجنون، بحيث لا يفيق أي لا يزول عنه ما به من الجنون قويا كان أو ضعيفا، فيدخل فيه المعتوه ويحترز به عمن يجن ويفيق فإنه يجوز تصرفه عل ما يأتي فمن احترز به عن المعتوه فقد وهم لظنه أن المراد في الكلامين واحد مع أن طلاق المعتوه أيضا لا يصح. كذا أفاده ابن الكمال وتبعه الشارح.
قوله: (وأما الذي يجن ويفيق فحكمه كمميز) ومثله في المنح والدرر وغاية البيان وكذا في المعراج حيث فسر المغلوب بالذي لا يعقل أصلا ثم قال: واحترز به عن المجنون الذي يعقل البيع ويقصده فإن تصرفه كتصرف الصبي العاقل على ما يجئ فيتوقف إلى إجازة الولي اه. وهذا هو المعتوه كما قدمناه وبه صرح في الكفاية، وجعله الزيلعي في حال إفاقته كالعاقل والمتبادر منه أنه كالعاقل البالغ. وبه اعترض الشرنبلالي على الدرر، فلا تتوقف تصرفاته ووفق بينهما الرحمتي والسائحاني بحمل ما هنا على ما إذا لم يكن تام العقل في حال إفاقته، وما ذكره الزيلعي على ما إذا كان تام العقل ووفق الشلبي في حاشية الزيلعي بحمل ما هنا على ما إذا لم يكن لافاقته وقت معلوم، وما في شرح الزيلعي على ما إذا كان لها وقت معلوم: أي لأنه في الأول لا يتحقق صحوه. أقول: والذي يحل عقدة الاشكال ما قدمناه عن ابن الكمال فإنه إن أريد بالمغلوب من غلب على عقله: أي الذي لا يعقل أصلا فيراد بالذي جن ويفيق ناقص العقل وهو المعتوه كما صرح به صاحب الكفاية وغيره حيث قال: والمجنون الذي يجن ويفيق، وهو المعتوه الذي يصلح وكيلا عن غيره، وهو قد يعقل البيع ويقصده، وإن كان لا يرجح المصلحة على المفسدة اه. ومعنى إفاقته على هذا أنه يعقل بعض الأشياء دون بعض والمعتوه في تصرفاته كمميز كما مر فلهذا جعله شراح الهداية مثله وإن أريد به من لا يفيق من جنونه الكامل أو الناقص، فيحترز به عمن يفيق أحيانا أي يزول عنه ما به بالكلية، وهذا كالعاقل البالغ في تلك الحالة، وهو محمل كلام الزيلعي، ومنشأ الاشتباه عدم التفرقة بين الكلامين فاغتنم هذا التحقيق وبالله التوفيق. وبه ظهر أنه كان ينبغي للشارح أن يقول: فحكمه كعاقل أي في حال إفاقته كما قاله الزيلعي ليظهر للتقييد بالمغلوب فائدة فإنه حيث كان غير المغلوب كمميز لا يصح طلاقه ولا إعتاقه كالمغلوب، وأما ما نقله عن النهاية فهو موافق لعبارة الهداية حيث لم يخصص فيها بعض التصرفات بالذكر.
والحاصل: أنه يتعين أن يحترز بالمغلوب في عبارة الهداية عن المعتوه، وفي عبارة المصنف عن الذي ما به بالكلية، فتدبر. قوله: (وإقرار ما) أي المغلوب والصبي، والمراد الصبي المحجور، فلو مأذونا يصح إقراره كالمعتوه والعبد المأذون كما يأتي آخر كتاب المأذون. قوله: (نظرا لهما) علة لقوله لا يصح. قوله: (وصح طلاق عبد) لأنه أهل ويعرف وجه المصلحة فيه، وليس فيه إبطال ملك المولى، ولا تفويت منافعه، درر. قوله: (في حق نفسه فقط) قيل الواجب إسقاطه ليكون التفصيل الآتي بيانا لاجمال صحة الاقرار اه. تأمل. قوله: (لا سيده) أي لا في حق سيده رعاية لجانبه، لان نفاذه لا يعرى عن تعلق الدين برقبته أو كسبه وكلاهما إتلاف ماله. درر. قوله: (فلو أقر) أي العبد المحجور لان الكلام فيه، وقد علم من عدم صحة إقرار الحر الصغير عدم صحة إقرار العبد الصغير بالأولى. قوله:
(أخر إلى عتقه) لوجود الأهلية حينئذ وارتفاع المانع. قوله: (هدر) أي أي لا يلزمه شئ بعد عتقه، لما تقرر أن المولى لا يستوجب على عبده مالا. درر. قوله: (وبحد وقود) أي بما يوجبهما، والواو بمعنى أو