فقول الزيلعي: إن هذه الإجارة فاسدة: أي مآلا، أما في الحال فهي صحيحة، فليتأمل.
مطلب: يخص القياس والأثر بالعرف العام دون الخاص قوله: (كما زعمه مشايخ بلخ) قال في التبيين: ومشايخ بلخ والنسفي يجيزون حمل الطعام ببعض المحمول ونسج الثوب ببعض المنسوج لتعامل أهل بلادهم بذلك، ومن لم يجوزه قاسه على قفيز الطحان.
والقياس يترك بالتعارف. ولئن قلنا: إنه ليس بطريق القياس بل النص يتناوله دلالة فالنص يخص بالتعارف، ألا ترى أن الإستصناع ترك القياس فيه، وخص من القواعد الشرعية بالتعامل، ومشايخنا رحمهم الله لم يجوزوا هذا التخصيص، لان ذلك تعامل أهل بلدة واحدة وبه لا يخص الأثر، بخلاف الإستصناع فإن التعامل به جرى في كل البلاد، وبمثله يترك القيام ويخص الأثر اه. وفي العناية: فإن قيل: لا نتركه بل يخص عن الدلالة بعض ما في معنى قفيز الطحان بالعرف كما فعل بعض مشايخ بلخ في الثياب لجريان عرفهم بذلك. قلت: الدلالة لا عموم لها حتى تخص اه. ط. قوله: (فيفضي للمنازعة) فيقول المؤجر المعقود عليه العمل والوقت ذكر للتعجيل ويقول المستأجر بل هو الوقت والعمل للبيان. وقال الصاحبان: هي صحيحة، ويقع العقد على العمل، وذكر الوقت للتعجيل تصحيحا للعقد عند تعذر الجمع بينهما فترتفع الجهالة. وظاهر كلام الزيلعي ترجيح قولهما، وهذا إذا أخر الأجرة، أما إذا وسطها فالمعقود عليه المتقدم لتمام العقد بذكر الاجر، ثم المتأخر إن كان وقتا فللتعجيل، وإن كان عملا فلبيان العمل في ذلك الوقت فلا يفسد، كما نقله ابن الكمال عن الخانية، ومثله في القهستاني عن الكرماني، وزاد في المنية: وإذا قدمها فسد أيضا.
ثم اعلم أن الخلاف أيضا فيما إذا كان العمل مبين المقدار معلوما حتى يصلح لكونه معقودا عليه فيزاحم الوقت فيفسد، ولذا قال ليخبز له كذا قفيز دقيق، فلو لم يبين صح لأنه لجهالته كأنه لم يذكر إلا الوقت، كما إذا استأجر رجلا يوما ليبني له بالآجر والجص جاز بلا خلاف، فلو بين العمل على وجه يجوز إيراد العقد عليه بأن بين قدر البناء لا يجوز عند الامام كما ذكره في الأصل، وحينئذ فلا يشكل ما سيأتي في بحث الأجير الخاص لو استأجره شهرا لرعي الغنم بكذا صح، مع أن فيه الجمع بين المدة والعمل لأنه لم يبين قدر الغنم المرعي كما نبه عليه العلامة الطوري فاحفظه. قوله:
(جازت إجماعا) أما في الأول وهو رواية عن الامام كما ذكره الزيلعي فلان كلمة في للظرف لا لتقدير المدة فلا تقتضي الاستغراق، فكان المعقود عليه العمل وهو معلوم، بخلاف ما إذا حذفت فإنه يقتضي الاستغراق، وقد مر نظيره في الطلاق في قوله: أنت طالب غدا أو في الغد. وأما في الثاني فلان اليوم لم يذكر مقصودا كالعمل حتى يضاف العقد إليهما، بل ذكر لاثبات صفة في العمل والصفة تابعة للموصوف غير مقصودة بالعقد كما في التبيين. قوله: (بشرط أن يثنيها) في القاموس ثناة تثنية:
جعله اثنين اه. وهو على حذف مضاف: أي يثني حرثها.